237

Carais Bayan

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genre-genre

الصديقين العارفين ، وتنشر له مطويات أسرار المحبين وفضائل أحوال المشتاقين.

وأيضا : ( والجار ذي القربى ) صورتك التي هي حاملة الروح ، والإحسان إليها أن تفطم جوارحها من حظوظ المعاصي والشهوات.

( والصاحب بالجنب ) يعني رفيقك في سفر الغيب ، الذي هيجه حب الله إليه ، وشوقه معرفة الله إلى معرفة الله ؛ فأنفاسه أنفاسك ، وسره سرك ، ومقامه مقامك ، وهو قرينك في غربة الأزل ، وأسفار الأبد ، وإحسانك إليه ؛ إذ كاد ينقطع بلذة المحبة من المحبوب ، لن تخوفه من مكره ، وترغبه إلى طلب الفناء فيه.

وأيضا : ( والصاحب بالجنب ) هو قلبك ، وإحسانك إليه أن تفرده من الحدثان ، وتشوقه إلى جمال الرحمن.

وأيضا : ( والصاحب بالجنب ) هي النفس الأمارة بالسوء ، التي قال سيد المرسلين وإمام العالمين محمد صلى الله عليه وسلم : «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك» (1)، وإحسانك إليها أن تحبسها في سجن العبودية ، وتمنعها عن الشهوة ، وتحرقها بنيران المحبة ، وتزر ترابها برياح المعرفة ، حتى لا يبقى في جار الله غير الله.

( وابن السبيل ) أي : غريب الله في بلاد الله ؛ حيث لا يعرفه سوى الله ، الذي يتطرق إليه من نور الأفعال إلى نور الصفات ، ومن نور الصفات إلى نور الذات ، وهو في غربة الآزال والآباد لا يذكر روعته ولا يطفئ حرقته ، ويزيد تحيره وتغربه ، لا يعرفه أحد يواسيه ، قال عليه السلام : «إن حضروا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا» (2).

وزاد في وصفهم : لا يفتح لهم السدد ، ولا يروحهم المنعمات ، أنوار قلوبهم أنور بنور الشمس ، والإحسان إليهم بدر المهجة بين أيديهم ، وزيادة الاستطابة في أوقاتهم ، ودفع الأغيار عن صحبتهم ، حتى لا يطلع عليه أحد يمنعهم من أحوالهم ساعة.

( وما ملكت أيمانكم ) أي : مريدوكم الذين هم أرقاء الإرادة ، والإحسان إليهم تربيتهم في طريق الله بآداب الله ، ونشر كرامة الله عندهم ، ودعاؤهم إلى طريق الرجاء ؛ لأن الراجي طيار ، والخائف سيار ، وتعليمهم طريق المشاهدة بلزوم المراقبة.

وذكر سهل بن عبد الله في تفسير هذه الآية قال : ( والجار ذي القربى ) هو القلب ، و ( والجار الجنب ) هو النفس ، ( والصاحب بالجنب ) العقل الذي ظهر على اقتضاء

Halaman 247