Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Genre-genre
كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير (156) ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون (157) ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون (158) فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين (159))
قوله تعالى : ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ) أي : من رسم طريق المعرفة تجلى القهر واللطف ، القهر من العظمة والغيرة ، واللطف من الحسن والجمال ، وفي عين الحقيقة هما واحد الأول : تربية ، والثاني : رفاهية ، وسنة الله جرت على مباشرتهما على التسرمد ، فما باشر للقهر وجود العارف إلا ويأتي بعده نور تجلى اللطف والبسط والروح والكشف والأنس ، قال الله تعالى : ( والله يقبض ويبصط ) [البقرة : 245] ، وقال : ( فإن مع العسر يسرا ) [الشرح : 6] ، فلما ذاقوا ألم الامتحان أنسوا برؤية الرحمن ، الأول خوف ؛ لأنهم في العبودية ، والآخر أمن لأنهم في رؤية الربوبية ، وذلك يقتضي الأمن والنعاس محل الكشف ، كاشفهم الله هموم المجاهدة بنور المشاهدة.
قال ابن عطاء : من صدق إرادته واجتهاده ورياضته رد إلى محل الأنس.
صدق ابن عطاء ، هذا وصف من وصفهم الله بالتمكين والاستقامة من الصحابة المباركة رضي الله عنهم بالصبر في البلاء كأنصار الأنبياء ، وصفهم الله بقوله : ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ) والربيون الربانيون الذين هم مربون في قرب الرب ومشاهدته.
قال الجريري : منقطعون إلى الرب فانية منهم أوصافهم وإرادتهم ، متطلعون لإرادة الله فيهم.
قال بعضهم : ( ربيون ) وزراء الأنبياء.
وقوله تعالى : ( فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ) لأن عليهم روع أنوار عظمة الله ، ( وما ضعفوا ) لأنهم مقوون بقوة الله ، ( وما استكانوا )؛ لأنهم مؤيدون بتأييد الله ومع جلالتهم وضعوا أقدامهم على أعناق نفوسهم الخيانة الأمارة هواها فخرجوا من داعية هواهم إلى مراد الله ، لا جرم ألبسهم الله لباس وصفه الذي وصف نفسه بالصبر ، ثم أحبهم لوصفه عليهم بقوله : ( والله يحب الصابرين ).
Halaman 204