Arab dan Model Amerika
العرب والنموذج الأمريكي
Genre-genre
وفي الآونة القريبة لم توافق أمريكا على توريد أسلحة لمصر على نطاق واسع إلا بعد معاهدة 26 مارس مع إسرائيل، أي أنها لم تقبل تقديم أسلحتها إلينا إلا بعد أن ضمنت أن هذه الأسلحة ستستخدم لأغراض أخرى، غير محاربة إسرائيل.
ويبدو لي أن هذا المبدأ الأخير هو الذي تفرضه أمريكا في حالة أي بلد عربي يطلب منها السلاح على نطاق واسع، بحيث لا توافق على هذا الطلب إلا بقدر ما تكون واثقة من أن لهذا السلاح أهدافا أخرى غير إسرائيل.
أما الخطأ الثاني:
فهو الاعتقاد بأننا نستطيع أن نفكك التحالف بين أمريكا وإسرائيل، أو نضعفه عن طريق إقناع أمريكا بأن مصالحها مع العرب أهم من مصالحها مع إسرائيل؛ فهذا النوع من التفكير يفترض عدة أشياء، كلها باطلة.
فهو يفترض أولا أن العرب يمكنهم أن يخدموا المصالح الأمريكية دون أن يتهاونوا ويتخلوا عن أماني شعوبهم، أي أن من الممكن أن تتطابق مصالح العرب مع مصالح أمريكا، وهو أمر يدخل في باب المستحيلات. وهو يفترض ثانيا أن أمريكا تقبل بأن تجد لنفسها حليفا أو حارسا لمصالحها غير إسرائيل، وهو بدوره أمر مستحيل. وكل ما قلناه في هذا الفصل إنما كان محاولة لإثبات استحالة هذين الافتراضين.
وهكذا تتضح لنا الصورة على حقيقتها؛ فقد يكون في إمكاننا أن نستعين بأمريكا في أمور كثيرة، ولكن ليس في صراعنا مع إسرائي؛ ذلك لأن من يستنجد بأمريكا لكي تعينه على الوقوف في وجه إسرائيل هو، كما يقول المثل العربي البليغ، كالمستجير من الرمضاء بالنار، أو كمن يستعين بزعيم العصابة ليحمي نفسه من تهديدات عضو صغير من أعضائها - عضو له حقا مطامعه الجزئية الخاصة، ولكنه في نهاية الأمر يأتمر بأوامر الرئيس، ولا يستمد كيانه إلا من انتمائه إليه.
الفصل السادس
قضية الأيديولوجية والتنمية
طوال هذه الدراسة، حاولت بقدر ما أستطيع أن أتجنب الألفاظ والمصطلحات الضخمة، وأن أعرض أفكاري للقارئ من خلال لغة عادية خلت من تلك التعبيرات المعقدة التي اعتادها مثقفونا، والتي قد تصلح في مناقشاتهم الداخلية، ولكنها حين تستخدم في مخاطبة الجماهير العريضة تؤدي إلى فجوة واسعة بين المثقف وجمهوره، لا يملؤها إلا فراغ من عدم التفاهم.
لذلك فإنني حين أستخدم كلمة «أيديولوجيا» في عنوان هذا الفصل الأخير، لا أود من القارئ أن يتصور أنني خرجت أخيرا عن هذه القاعدة، وخضعت آخر الأمر لعادات المثقفين في استخدام الألفاظ الرنانة. فالأيديولوجيا كما تستخدم هنا، لا تعني أكثر من مجموعة الأفكار الأساسية التي تشكل نظرة المجتمع إلى نفسه وإلى العالم أو الموقف الأساسي الذي يعبر به المجتمع عن اتجاهاته في الحاضر وأمانيه في المستقبل.
Halaman tidak diketahui