Arab dan Model Amerika
العرب والنموذج الأمريكي
Genre-genre
وإذن ففي القضية الأولى من القضايا السياسية التي تطرحها علاقة العرب بأمريكا، أعني قضية البترول، تقف هذه الأخيرة موقف الطرف المتحكم الذي يستغل قوته من أجل فرض شروطه الجائرة. وعلى الرغم من أنه لا يتعرض لتهديد حقيقي، فإنه يلوح في أوقات محددة مدروسة باستخدام القوة الغاشمة، ويهدد بالاحتلال، لا لشيء إلا لكي يحافظ على العلاقة غير المتكافئة في التعامل بهذه السلعة الحيوية، مما يشكل أسلوبا في العلاقات الدولية عفا عليه الزمان، ويضفي ظلالا قائمة على النموذج الأمريكي الذي لا يزال يبهر الكثيرين!
الفصل الخامس
قضية إسرائيل
لا بد لكل من يبهره النموذج الأمريكي، ويحلم بتحقيقه في بلده العربي، أن يواجه مشكلة أساسية، هي التوفيق بين إعجابه المفرط بأمريكا، وبين ما يعرفه عن الارتباط الوثيق بين أمريكا وإسرائيل. والذي يحدث عادة هو أن المعجبين بأمريكا يصورون هذا الارتباط بصورة مشوهة، أو مخففة، لا تعبر عن حقيقته، وإنما تعبر عن رغبتهم - الواعية أو غير الواعية - في الاحتفاظ بصورة نقية لأمريكا من جهة، مع عدم التفريط في موقفهم تجاه إسرائيل من جهة أخرى. وتدور هذه الصورة المشوهة عادة حول فكرة رئيسية، هي أن الارتباط بين أمريكا وإسرائيل مؤقت، وأن في استطاعة العرب، لو أجادوا استخدام الأساليب السياسية والدبلوماسية، أن يفكوا هذا الارتباط، ويوجهوا السياسة الأمريكية نحو الانحياز لهم، وأن يضمنوا على الأقل وقوفها على الحياد، بحيث تتخذ في نهاية الأمر خطا متوازيا بين الطرفين.
هذه الفكرة تستهدف في واقع الأمر، أن توفق بين شيئين لا يمكن أن يتلاقيا، وهما الحرص على إرضاء أمريكا من جهة، والتصدي لإسرائيل من جهة أخرى. والواقع أنه، إذا كانت أحداث الأعوام الثلاثين الأخيرة قد أثبتت شيئا، فهو أن الارتباط بين أمريكا وإسرائيل ارتباط عضوي لا ينفصم، وأننا لا يمكن أن نكون جادين لو حاولنا أن نحتفظ بصداقتنا لأمريكا، وأن نقف في الوقت ذاته موقفا حازما في وجه النزعة التوسعية الإسرائيلية. فهذان موقفان لا يجتمعان، وكل تجاربنا السياسية الماضية تثبت ذلك.
فكل من يختار البديل الأول، أعني صداقة أمريكا وتأييد اتجاهاتها العامة وترك المجال أمامها لكي تتغلغل استراتيجيا واقتصاديا في المنطقة، لا بد أن ينتهي به الأمر إلى موقف متهاون في القضية الأخرى، قضية إسرائيل. وكل من يأخذ البديل الثاني مأخذ الجد، أعني من يريد الوقوف بحزم وصلابة في وجه الأطماع الصهيونية، لا بد أن يصطدم، بشكل أو بآخر، بالمصالح الأمريكية، وأن يتخلى عن وهم الاستعانة بأمريكا من أجل زحزحة إسرائيل عن مواقفها.
هذه هي القضية في شكلها البسيط، الصريح، الذي لا يعرف الالتواء أو المواربة. •••
إن موقف أمريكا من إسرائيل يرتبط ارتباطا جوهريا وأساسيا بقضية البترول، ومنذ اللحظة التي أدركت فيه أمريكا خطورة الثروة البترولية الكامنة في الأرض العربية على مصالح الغرب كله، اقتصاديا واستراتيجيا، اتخذت قرارها الحاسم: وهو أن تقف إلى جانب إسرائيل على طول الخط، وأن تحافظ على وجودها كما لو كانت ولاية أمريكية، أي كما لو كان الاعتداء عليها اعتداء على أراضي أمريكا ذاتها، وأن تؤيد جميع مطالبها، مشروعة كانت أم غير مشروعة، على حساب العرب.
وإني لأكاد أجزم، عن طريق الاستنتاج وحده، بأنه يوجد في مكان ما من أدراج مكاتب صانعي السياسة الأمريكية، تقرير أو تخطيط استراتيجي أساسي وضع في أعقاب الحرب العالمية الثانية، يوجه السياسة الأمريكية إلى تأييد إقامة دولة لإسرائيل على أرض فلسطين، وإلى تبني القضية الصهيونية، والاعتماد على إسرائيل بوصفها الركيزة الكبرى للسياسة الأمريكية في المنطقة. هذا التقرير لا بد أنه يستند إلى أساسين مترابطين:
الأساس المباشر:
Halaman tidak diketahui