الجزء الأول
1 - كيف نشئ كنديد في قصر جميل، وطرد منه؟
2 - ما حدث لكنديد بين البلغار
3 - كيف نجا كنديد من البلغار وما وقع له
4 - كيف لاقى كنديد معلمه القديم في الفلسفة: الدكتور بنغلوس وما وقع له
5 - عاصفة وغرق وزلزلة، وما وقع للدكتور بنغلوس وكنديد والتعميدي: جاك
6 - كيف صدر حكم تفتيشي رائع لمنع الزلازل وكيف جلد كنديد على ألييه
7 - كيف عنيت عجوز بكنديد وكيف وجد من كان يحب
8 - قصة كونيغوند
9 - ما وقع لكونيغوند وكنديد وقاضي التفتيش الأكبر ولليهودي
Halaman tidak diketahui
10 - كيف وصل كنديد وكونيغوند والعجوز إلى قادس في كرب شديد، وكيف أبحروا
11 - قصة العجوز
12 - تكملة مصائب العجوز
13 - كيف اضطر كنديد إلى الانفصال عن كونيغوند الحسناء وعن العجوز
14 - كيف قبل كنديد وككنبو من قبل يسوعيي البراغواي
15 - كيف قتل كنديد أخا كونيغوند العزيزة؟
16 - ما وقع للسائحين مع فتاتين وقردين، والمتوحشين الذين يدعون الأوريون
17 - وصول كنديد وخادمه إلى بلد إلدورادو، وما شاهدا فيه
18 - ما شاهداه في بلد إلدورادو
19 - ما وقع لهما في سورينام وكيف تعرف كنديد بمارتن؟
Halaman tidak diketahui
20 - ما وقع لكنديد ومارتن في البحر
21 - يدنو كنديد ومارتن من شواطئ فرنسة ويتحاوران
22 - ما وقع لكنديد ومارتن في فرنسة
23 - ذهاب كنديد ومارتن إلى شواطئ إنكلترة وما رأيا هنالك
24 - باكت والراهب جيرفله
25 - زيارة الشريف البندقي السنيور بوكوكورنته
26 - عشاء كنديد ومارتن مع ستة من الأجانب، ومن كان هؤلاء؟
27 - سفر كنديد إلى الآستانة
28 - ما وقع لكنديد وكونيغوند وبنغلوس ومارتن ... إلخ
29 - كيف لقي كنديد كونيغوند والعجوز؟
Halaman tidak diketahui
30 - الخاتمة
الجزء الثاني
1 - كيف انفصل كنديد عن زمرته؟ وما نشأ عن ذلك
2 - ما وقع لكنديد في ذلك المنزل، وكيف خرج منه؟
3 - قبول كنديد في البلاط، وما عقب ذلك
4 - ما ناله كنديد من حظوات جديدة، ارتقاؤه
5 - كيف كان كنديد أميرا كبيرا، ولكن مع عدم رضاه عن هذا
6 - ملاذ كنديد
7 - قصة زيرزا
8 - اشمئزاز كنديد، لقاء غير منتظر
Halaman tidak diketahui
9 - كنديد يفقد حظوته، رحلات، مغامرات
10 - وصول كنديد وبنغلوس إلى شاطئ بحر مرمرة، ما رأيا وما وقع لهما
11 - يداوم كنديد على رحلته، وبأية صفة
12 - يداوم كنديد على أسفاره، مغامرات جديدة
13 - قصة زنوئيد، كيف صار كنديد عاشقا لها، ونتائج ذلك
14 - دوام غرام كنديد
15 - وصول فلهل، سفر إلى كوبنهاغ
16 - كيف وجد كنديد زوجته مرة أخرى، وكيف خسر خليلته
17 - كيف حاول كنديد أن يقتل نفسه من غير أن يفعل وما حدث له في إحدى الحانات
18 - اعتزال كنديد وككنبو في ملجأ. ما لقيا فيه
Halaman tidak diketahui
19 - مصادفات جديدة
20 - بقية مصائب كنديد، كيف لقي خليلته ثانية وماذا كانت النتيجة
الجزء الأول
1 - كيف نشئ كنديد في قصر جميل، وطرد منه؟
2 - ما حدث لكنديد بين البلغار
3 - كيف نجا كنديد من البلغار وما وقع له
4 - كيف لاقى كنديد معلمه القديم في الفلسفة: الدكتور بنغلوس وما وقع له
5 - عاصفة وغرق وزلزلة، وما وقع للدكتور بنغلوس وكنديد والتعميدي: جاك
6 - كيف صدر حكم تفتيشي رائع لمنع الزلازل وكيف جلد كنديد على ألييه
7 - كيف عنيت عجوز بكنديد وكيف وجد من كان يحب
Halaman tidak diketahui
8 - قصة كونيغوند
9 - ما وقع لكونيغوند وكنديد وقاضي التفتيش الأكبر ولليهودي
10 - كيف وصل كنديد وكونيغوند والعجوز إلى قادس في كرب شديد، وكيف أبحروا
11 - قصة العجوز
12 - تكملة مصائب العجوز
13 - كيف اضطر كنديد إلى الانفصال عن كونيغوند الحسناء وعن العجوز
14 - كيف قبل كنديد وككنبو من قبل يسوعيي البراغواي
15 - كيف قتل كنديد أخا كونيغوند العزيزة؟
16 - ما وقع للسائحين مع فتاتين وقردين، والمتوحشين الذين يدعون الأوريون
17 - وصول كنديد وخادمه إلى بلد إلدورادو، وما شاهدا فيه
Halaman tidak diketahui
18 - ما شاهداه في بلد إلدورادو
19 - ما وقع لهما في سورينام وكيف تعرف كنديد بمارتن؟
20 - ما وقع لكنديد ومارتن في البحر
21 - يدنو كنديد ومارتن من شواطئ فرنسة ويتحاوران
22 - ما وقع لكنديد ومارتن في فرنسة
23 - ذهاب كنديد ومارتن إلى شواطئ إنكلترة وما رأيا هنالك
24 - باكت والراهب جيرفله
25 - زيارة الشريف البندقي السنيور بوكوكورنته
26 - عشاء كنديد ومارتن مع ستة من الأجانب، ومن كان هؤلاء؟
27 - سفر كنديد إلى الآستانة
Halaman tidak diketahui
28 - ما وقع لكنديد وكونيغوند وبنغلوس ومارتن ... إلخ
29 - كيف لقي كنديد كونيغوند والعجوز؟
30 - الخاتمة
الجزء الثاني
1 - كيف انفصل كنديد عن زمرته؟ وما نشأ عن ذلك
2 - ما وقع لكنديد في ذلك المنزل، وكيف خرج منه؟
3 - قبول كنديد في البلاط، وما عقب ذلك
4 - ما ناله كنديد من حظوات جديدة، ارتقاؤه
5 - كيف كان كنديد أميرا كبيرا، ولكن مع عدم رضاه عن هذا
6 - ملاذ كنديد
Halaman tidak diketahui
7 - قصة زيرزا
8 - اشمئزاز كنديد، لقاء غير منتظر
9 - كنديد يفقد حظوته، رحلات، مغامرات
10 - وصول كنديد وبنغلوس إلى شاطئ بحر مرمرة، ما رأيا وما وقع لهما
11 - يداوم كنديد على رحلته، وبأية صفة
12 - يداوم كنديد على أسفاره، مغامرات جديدة
13 - قصة زنوئيد، كيف صار كنديد عاشقا لها، ونتائج ذلك
14 - دوام غرام كنديد
15 - وصول فلهل، سفر إلى كوبنهاغ
16 - كيف وجد كنديد زوجته مرة أخرى، وكيف خسر خليلته
Halaman tidak diketahui
17 - كيف حاول كنديد أن يقتل نفسه من غير أن يفعل وما حدث له في إحدى الحانات
18 - اعتزال كنديد وككنبو في ملجأ. ما لقيا فيه
19 - مصادفات جديدة
20 - بقية مصائب كنديد، كيف لقي خليلته ثانية وماذا كانت النتيجة
كنديد
كنديد
تأليف
فولتير
ترجمة
عادل زعيتر
Halaman tidak diketahui
أقدم ترجمة «كنديد» لفولتير ...
ولد فولتير بباريس سنة 1694، ومات فيها سنة 1778 ...
ولد وعمد في غد يوم ولادته، وأطلق عليه اسم فرنسوا ماري أرويه، فأرويه اسم أسرته، وفرنسوا اسم والده، وماري اسم أمه، فكان جامعا للأسماء الثلاثة.
والأبوان من بواتو أصلا، وأسرة أرويه كانت قبل ولادته بجيلين قد اتخذت باريس لها مستقرا، وكان جد الأسرة تاجرا موفقا، ولم يكن فولتير ليعرف أمه جيدا؛ فقد ماتت أيام كان في السابعة من سنيه، وأما أبوه فقد مات سنة 1721 تاركا له شيئا من المال.
وكان أبوه فرنسوا موثقا
1
بباريس، وكانت أمه صديقة لعرابه «الأب شاتونوف»، وهذا الكاهن هو الذي حبب الأدب والدين الطبيعي إلى فولتير، وعرفه بالمجتمع الراقي منذ صباه، فأبدى تفوقا في القريض أيام صغره بما يثير العجب.
ويدخل - ابنا للعاشر من عمره - إلى كلية «لويس الأكبر» التي كان يقوم بإدارتها أناس من اليسوعيين، ويبقى فيها حتى سنة 1711، وما عليه من ميل إلى الدين الطبيعي، ونزوع إلى الحرية كان يحمله على الحط من قيمة التربية اليسوعية.
غادر المدرسة وعاد إلى بيت أبيه في تلك السنة، فيشتد الخلاف بينهما حول ما يزاول، فالابن يريد الأدب، والأب لا يعترف بالأدب مهنة، ويذعن الابن - مؤقتا - فيعنى بالفقه ظاهرا، ويكب على الأدب حقيقة.
وكان «الأب دوشاتونوف» قد مات قبل أن يتم ابنه في العماد - فولتير - دراسته، ولكن بعد أن جعله ينتسب إلى منظمة التانبل المشهورة، ويحاول أبوه أن يفصله عن هذه المنظمة، ليكون من أنصار المركيز دوشاتونوف - الذي هو أخ للأب دوشاتونوف - وهنالك يتعرف بالمدعوة أولنب دونويه البروتستانية المعسرة التي هي بنت لسيدة أديبة، فيحول أبوه دون اقترانهما بعد وعيد وحصول على أمر بالقبض عليه لم ينفذ.
Halaman tidak diketahui
أجل، لقد أذعن الابن وتظاهر بالعمل في مكتب لأحد المحامين.
ويبلغ فولتير الثالثة والعشرين من سنيه، وتنشر أهجوة عن الوصي على العرش وتعزى إلى فولتير على غير حق، فيعتقل في الباستيل حيث قضى أحد عشر شهرا، وحيث عزم على تغيير اسمه، فلما خرج من الباستيل عرف بفولتير بعد أن كان يعرف باسم أسرته أرويه كما قدمنا.
وليست هذه المرة وحدها هي التي يزج فيها بفولتير في الباستيل، فبعد ثمانية أعوام من ذلك التاريخ أهانه أحد الأشراف، الفارس دوروهان، وأرسل من الأجراء من يضربونه بالعصي، ويدعو فولتير دوروهان إلى المبارزة، ويرضى هذا الشريف الفارس بما دعاه إليه فولتير، ولكن فولتير يقابل بالاعتقال في الباستيل في صباح اليوم المعين للمبارزة بدلا منها، ويقضي في هذا المعتقل نصف عام، فلما خرج من الباستيل هاجر إلى إنكلترة حيث أقام ثلاث سنين (1726-1729).
وقد تعلم فولتير الإنكليزية في أثناء إقامته بإنكلترة، واتصل بعلية القوم اتصالا وثيقا، وأعجب بالدستور الإنكليزي وبتسامح الإنكليز الديني وحريتهم السياسية أيما إعجاب، وكان لأخلاق هؤلاء الناس وعاداتهم بالغ الأثر فيه.
ويعود إلى باريس حاملا في ذهنه كثيرا من المشاريع في الحرية السياسية والإصلاحات الدينية، فينشر في سنة 1734 كتابه «الرسائل الفلسفية» أو «الرسائل الإنكليزية»، حيث أثنى على نظام ذلك البلد، فقال: «إن أميره البالغ القدرة على صنع الخير مقيد اليدين في صنع الشر.»
وفي هذا الكتاب يعرض فولتير نظريات الفيلسوف الإنكليزي لوك، ويحمل حملة شعواء على الاستبداد والتعصب الديني وسلطان الإكليروس، فيعد هذا الكتاب هداما، فتقضي المحكمة العليا (البرلمان) بجمع نسخه وإحراقها «لمخالفته للدين وحسن الأخلاق»، ويؤمر باعتقال فولتير، ولم ينج من السجن في الباستيل للمرة الثالثة إلا بالفرار، ويقضي عاما في دوكية اللورين المستقلة، ثم يلغى أمر اعتقاله، وتطلق له حرية العود إلى باريس (1735).
وبعد عام - أي: في سنة 1736 - يتلقى أول كتاب من ولي عهد بروسية: فردريك، وتكثر المراسلة بينهما، وينادى بفردريك ملكا لبروسية، ويحاول اجتذاب فولتير إليه في بوتسدام، وهو لم يجب فردريك الأكبر إلى طلبه إلا في سنة 1750، ففي هذه السنة غادر باريس إلى برلين حيث أقام ثلاث سنين، وقد أجرى فردريك الأكبر عليه راتبا سنويا في هذه المدة.
وما كان فردريك ليقتصر على صلته الأدبية بفولتير مع ما كان يحبوه به من رعاية شاملة، وما كان فولتير ليطيق مساواة أحد به في الحظوة لدى ذاك العاهل، فيضيق كل منهما بصاحبه ذرعا، وأخيرا يبلغ تشبيه فردريك له بالبرتقالة التي تعصر فيطرح قشرها، فيجيب فولتير عن هذا بأنه ما فتئ يزيل الأقذار عن ثياب فردريك، ويترك فولتير بوتسدام في سنة 1753.
وكان فولتير قبل سنة 1735 يعد من ذوي النباهة فقط، فلا يحسب من ذوي الخطر، ولا ينظر إليه بعين الجد. وأما في السنين العشرين التي عقبت سنة 1735 فكان من سماته البارزة أنه مدون لوقائع لويس الخامس عشر بفرساي، وضيف كريم لدى فردريك الأكبر، مع محاولته تمثيل دور سياسي عنده.
وقد عني فولتير في هذا الدور من حياته بالعلوم والتاريخ والروايات المسرحية على الخصوص، فلم يبلغ الستين من عمره حتى كان مخرجا للناس كتب «عصر لويس الرابع عشر»، و«الطبائع والأخلاق»، و«الروايات».
Halaman tidak diketahui
وكان فولتير من طبقة البرجوازية التي تلي طبقة الأشراف، وكان يرى تلافي هذا الفرق بالغنى، فلم يهمل مصالحه المالية، قال برونتير: «لقد أدرك فولتير أن تمثيل دور في المجتمعات الراقية يتطلب ثراء عند عدم الانتساب إلى طبقة الأشراف»، ويضارب ويكسب في المضاربة، ويكتب له التوفيق في كثرة الربح من كتبه وأعماله المالية، فيبلغ دخله السنوي حين وفاته نحو 370000 فرنك من الذهب.
ويغدو فولتير محل شبهة لدى ملك فرنسة لويس الخامس عشر، كما سبق أن ساءت صلاته بفردريك الأكبر، وقد صار من الثراء ما يقدر معه على ابتياع القصور، فاشترى قصر فيرنه الواقع على حدود سويسرة، والمشرف على بحيرة جنيف (1755)، حتى إذا ما أمر باعتقاله تمكن من الفرار، وقد أقام بهذا القصر حتى قبيل موته.
ولم يكن فولتير ليتمتع بصحة جيدة، وما لاقى في الحين بعد الحين من محن كان يسوقه إلى الموت. ومن العجيب - مع ذلك - أن أبدى في السنين الثلاث والعشرين التي بقيت له من عمره نشاطا عظيما على الرغم من مشيبه، فشن في هذه المرحلة الأخيرة من سنه غارة شديدة على الاستبداد والتعذيب وعدم التسامح وجرائم التعصب ومظالم القضاء.
ومما حدث أن اتهم تاجر بروتستاني من تولوز اسمه كالاس بقتل ابنه، فحكم البرلمان (المحكمة العليا) عليه بالإعدام، ونفذ الحكم فيه مع التعذيب سنة 1762، ويطلع فولتير على براءة كالاس، وعلى أن الابن مات منتحرا وعلى ضلال القضاء، فيشهر حربا ضروسا على ظلم المحكمة، ويطالب برد اعتبار ذلك المسكين، فيقضي برلمان باريس بهذا في سنة 1765، ويحمل فولتير على تعويض أسرة المظلوم، فينال لها من الحكومة مبلغا من المال، ويتفق له مثل هذا التوفيق في رد اعتبار لالي تولندال في سنة 1778.
وفي ذلك الدور الأخير من حياته عاد لا يؤثر في الرأي العام بالكتب المطولة، وإنما صار يؤثر فيه - على العموم - بما كان يرسل من رسائل نشرت له منها عشرة آلاف، وبما كان ينشر من كراريس وأضابير لا يحصى لها عد، فظهر معظمها بأسماء مستعارة مستوحيا فيها حوادث الساعة، وبذلك يكون قد قام بتمثيل دور أنشط الصحفيين الذين عرفوا حتى ذلك الزمن وأشدهم لذعا وأكثرهم لمعا.
وفي ذلك الدور الأخير من حياة فولتير يظهر كتابه «كنديد، أو التفاؤل» الذي ملأ صيته الأجواء، وكان فولتير حين وضع هذا الكتاب في الرابعة والستين من سنيه، وقد نشر في جنيف سنة 1759 خاليا من اسم المؤلف والناشر، ولم يقل فولتير أين وضع الكتاب ولا متى كتبه، وقد أظهر للناس مترجما عن الألمانية بقلم الدكتور رالف ...
وقد انتشر كتاب كنديد بسرعة هائلة، وأعيد طبعه باستمرار، حتى إنه وجد له ثلاث عشرة طبعة مؤرخة في سنة 1759، ولم يقتصر صيت الكتاب على فرنسة، بل عم أرجاء الدنيا، وترجم إلى أرقى لغات العالم مرات كثيرة.
وكان يسود العصر الذي ظهر فيه فولتير مبدأ التفاؤل القائل: «إن كل شيء هو أحسن ما يكون في أحسن ما يمكن من العوالم»، وكان فيلسوف ألمانية الشهير ليبنتز يحمل لواء هذا المذهب، وما كان يقع في العالم من مصائب، وما يحل به من كوارث، لا يجعل فيلسوفا مفكرا مثل فولتير يقول بهذا الرأي.
ومما حدث أن أصيبت أشبونة في سنة 1755 بزلزال هائل، جعل عاليها سافلها، وأن اشتعلت حرب السنين السبع في سنة 1756، فأودت بحياة عشرات الألوف من الناس. فهذان الحادثان وما إليهما هزت جميع الافتراضات التفاؤلية هزا عنيفا، فأتاحت لفولتير فرصة الحملة على مذهب التفاؤل بلا هوادة، فقال في كتاب كنديد كلمته وأذاع موعظته.
وفي كتاب «كنديد» جعل فولتير «بنغلوس» بطل التفاؤل، وجعل «مارتن» بطل التشاؤم، وما يعارض به فولتير تشاؤم «مارتن» وتفاؤل «بنغلوس» هو ما يعارض به اللاهوت النصراني وتفاؤل «ليبنتز الرواقي».
Halaman tidak diketahui
وفي كتاب «كنديد» يجوب فولتير معظم أقطار العالم، فيتجلى اكتئابه النفسي حيال ما ينطوي عليه تاريخ العالم من حروب وفظائع ومصائب ونوازل وأعمال تشابه ما يصدر عن المجانين.
وكاد فولتير يقضي بكتاب «كنديد» على مبدأ التفاؤل في العالم، فبه يهدم التفاؤل المطلق، وهو من أعظم كتب العالم حملة على هذا التفاؤل - إن لم يكن أعظمها.
وكتاب «كنديد» مملوء سخرية وإبداعا - ولا عجب - فالقلم بيد فولتير يجري ويضحك كما قال أناتول فرانس.
وفي كتاب «كنديد» ترى فولتير أكثر الكتاب دعابة مع بعد غور في المقصد. ولا غرو، ففولتير في كتابه «كنديد» أعظم من يقوم بهذا الغرض.
وكتاب «كنديد» مؤلف من جزأين: فأما الجزء الأول فيوجد إجماع على أنه وضع بقلم فولتير، وأما الجزء الثاني فقد ذهب كثير من النقاد إلى أنه من وضع كاتب آخر؛ ولذا يرى اقتصار بعض الطبعات وبعض الترجمات على الجزء الأول منه، كما يرى اشتمال طبعات أخرى وبعض ترجمات على الجزءين معا، وذلك مع إشارة قسم منها إلى هذا الأمر.
ومهما يكن من أمر، فإن الجزء الثاني وضع على نحو الجزء الأول وروحه، ولا يكاد الناقد النفاذ يلمس فرقا بينهما، وكيف يدرك هذا والجزء الثاني ينم على براعة ولباقة كالأول؟! وقد حفزنا هذا إلى ترجمة الجزء الثاني أيضا إتماما للفائدة، وإمتاعا للقارئ العربي.
وإذا سألت عن مذهب فولتير السياسي واعتقاده الديني، أجبت بأن فولتير يقتصر - مثل مونتسكيو - على المطالبة بالإصلاح السياسي والديني، وثلم شوكة الاستبداد، وهما في هذا على خلاف جان جاك روسو، الذي كان ينادي بضرورة تجديد الدولة والمجتمع تجديدا كليا.
وكان كل من فولتير ومونتسكيو راضيا بالمجتمع الذي يعيش فيه، فلا يرغب في قلبه، وإنما يطلب الإصلاح، وكلاهما فتن بالدستور الإنكليزي، ولا سيما تسامح الإنكليز الديني. وكان الدين أظهر ما عني به فولتير - وإن بحث في السياسة. وكانت السياسة أظهر ما عني به مونتسكيو - وإن بحث في الدين.
وكلاهما ناهض عدم التسامح في جميع وجوهه، كما ناهضا الاضطهاد والتفتيش والحروب الدينية، وطالب فولتير بإلغاء امتيازات الإكليروس، وطالب مونتسكيو بأن تكف الكنيسة عن ظلم مخالفيها ومنكريها، وبأن يكون الإكليروس أقل ثراء وسلطانا.
حقا كانت فرنسة في عهد لويس الرابع عشر وعهد لويس الخامس عشر خاضعة لكنيسة متعصبة غير متسامحة ولملكية مستبدة، فلم تذق طعم الحرية الدينية ولا طعم الحرية السياسية، فلم يطق الناس هذا الوضع، فظهرت في أوائل القرن الثامن عشر روح تذمر شديد بين المثقفين ضد الكنيسة والملكية، ولكن مع تعذر الجهر بالحملة على الدين والنظام القائم.
Halaman tidak diketahui
وكان فولتير على رأس المتذمرين، فلما عاد من إنكلترة بث كثيرا من الانتقاد للدين والملكية في رواياته وتواريخه وقاموسه الفلسفي ورسائله، ولم ينفك عن جهاده في هذا السبيل حتى وفاته، وهو لم يحاول بهذا تأسيس نظام سياسي أو إقامة مذهب ديني، بل كان يريد الإصلاح ما استطاع، وإن كان من القائلين بالدين الطبيعي مع إنكار الوحي ، وهو قد عد بهذا هادما للنصرانية عدوا لها. ولا يعني هذا أنه أراد إلغاء الدين، وإنما أراد دينا بلا أسرار ولا رموز، فيقتصر إكليروسه على تعليم الأخلاق.
وعنده أن على الأمير أن يكون من تلاميذ الفلاسفة، فقد قال: «لا نقصد إشعال ثورة كما في زمن لوثر، ولكن نقصد إحداث ثورة في نفوس من يقومون بالحكم.»
ويبلغ فولتير الثالثة والثمانين من سنيه، ويعزم على السفر إلى باريس، بعد أن كان العود إليها حراما عليه في القسم الأخير من عهد لويس الخامس عشر، فلما جلس لويس السادس عشر على العرش مهدت له سبيل دخولها، فقصد باريس وحضر تمثيل روايته «إيرين»، فلاقى في أثناء سفره إلى العاصمة وإقامته بها من الإجلال والتعظيم ما يفوق الوصف.
ويمرض بباريس، ويتوفى بها بعد أن لبث بها ثلاثة أشهر في هذه المرة، وتحظر السلطة على الصحف أن تتكلم عن وفاته، ويرفض الإكليروس أن يدفن في قبر، ويهدد برمي جثمانه في مطرح القمامة. بيد أن أهله يتمكنون من دفنه في سليير بشنبانيه، ثم تشتعل الثورة الفرنسية، فينقل رفات هذا العظيم في سنة 1791 إلى مدفن العظماء (البانتيون) بباريس.
عادل زعيتر
نابلس
الجزء الأول
الفصل الأول
كيف نشئ كنديد في قصر جميل، وطرد منه؟
كان يقيم بقصر السيد البارون ثندر تن ترنك في فستفالية غلام حبته الطبيعة أكثر السجايا دماثة، وكانت سيماه تدل على روحه، وكان على شيء من إصابة الرأي مع أبسط ما يمكن من نفس، وأظن أن هذا سبب تسميته كنديد.
Halaman tidak diketahui
وكانت تساور الخدم القدماء في المنزل شبهة في كونه ابنا لأخت السيد البارون ولرجل صالح شريف من الجوار، ولم ترغب هذه الآنسة في الزواج به قط؛ لأنه لم يستطع أن يثبت غير واحد وسبعين جيلا من أجيال الشرف؛ لضياع بقية شجرة نسبه بتلف من الزمن.
وكان السيد البارون من أقوى سنيورات فستفالية؛ لأن لقصره بابا ونوافذ، ولأن بهوه الكبير مزين بطنافس أيضا. وكان يتألف من كلاب حظائره سرب للصيد عند الحاجة، وكان سواسه مكلبيه.
1
وكان قس القرية كاهنه الأكبر، وكان الجميع يدعونه «مولانا»، فيضحكون من قصصه.
وكانت السيدة البارونة - التي تزن من الأرطال نحو ثلاثمائة وخمسين - توجب لنفسها احتراما كبيرا بهذا، وما كانت تقوم به من إكرام للزائرين يجعلها موضع أعظم تبجيل أيضا، وكانت ابنتها كونيغوند - البالغة من العمر سبع عشرة سنة - مشربة بحمرة ناضرة بادنة فاتنة. وكان ابن البارون يبدو سر أبيه. وكان المعلم بنغلوس وحي البيت، فيستمع كنديد الصغير لدروسه بكل ما ينطوي عليه سنه وطبعه من سذاجة.
وكان بنغلوس يعلم ما بعد الطبيعة وعلم اللاهوت وعلم الهيئة، فيثبت - بما يثير العجب - أنه لا معلول بلا علة، وأن قصر مولانا البارون أجمل القصور في هذا العالم الذي هو أحسن ما يمكن من العوالم، وأن السيدة أصلح بارونة يمكن أن تكون.
وكان يقول: «لقد ثبت أن الأشياء لا يمكن أن تكون غير ما هي عليه؛ وذلك لأن كل شيء إذ صنع لغاية كان كل شيء لأصلح غاية بحكم الضرورة، فلاحظوا أن الأنوف صنعت لوضع نظارات؛ ولذا فإن لدينا نظارات، وأن السيقان صنعت لتسرول؛ ولذا فإن لدينا سراويل، وأن الحجارة صنعت لتنحت وتبنى بها قصور؛ ولذا فإن لمولانا قصرا رائعا جدا - ولا عجب. فيجب أن يكون بارون الإقليم الأكبر أحسن الناس منزلا، وبما أن الخنازير خلقت لتؤكل، فإننا نأكل لحم خنزير في جميع السنة. ومن ثم كان من الهراء زعم من قال: إن كل شيء حسن، فيجب أن يقول: إنه على أحسن ما يكون.»
وكان كنديد يستمع منتبها، وكان يصدق مع السذاجة؛ وذلك لأنه يجد الآنسة كونيغوند جميلة إلى الغاية، وإن لم يكن من الجرأة ما يبوح لها بذلك، وكان يحكم بأن أولى درجات السعادة هي أن يولد الإنسان بارون ثندر تن ترنك، وبأن ثانية درجات السعادة هي أن يكون الإنسان الآنسة كونيغوند، وبأن درجتها الثالثة أن يراها كل يوم، وبأن درجتها الرابعة أن يستمع للمعلم بنغلوس الذي هو فيلسوف الإقليم الأعظم، ومن ثم أعظم فلاسفة الأرض طرا.
وبينا كانت كونيغوند تتنزه ذات يوم بالقرب من القصر في الغابة الصغيرة المسماة حديقة، أبصرت الدكتور بنغلوس وهو يؤدي بين الدغل
2
Halaman tidak diketahui
درسا في الفيزياء التجربية إلى خادمة أمها، إلى هذه الخادمة السمراء المذعان
3
البالغة الظرف.
وإذ إن الآنسة كونيغوند ذات ميل كثير إلى العلوم فإنها لاحظت - من غير أن تنطق بكلمة - ما شاهدته من تجارب مكررة، ورأت بوضوح ما عند الدكتور من سبب كاف، كما رأت المعلولات والعلل، وانصرفت مضطربة جدا، مفكرة جدا، شديدة الرغبة في أن تكون عالمة، مبصرة إمكان كونها سببا كافيا للشاب كنديد، الذي يمكنه أن يكون سببا كافيا لها أيضا.
لاقت كنديد وهي راجعة إلى القصر، فاحمر وجهها خجلا، كما احمر وجه كنديد، وقد تمنت له نهارا سعيدا بصوت متهدج، وقد كلمها كنديد من غير أن يعرف ما قال.
ولما كان الغد وتناول الجميع الغداء، وغادروا مائدة الطعام، وجد كنديد وكونيغوند نفسيهما وراء حاجز، فأسقطت كونيغوند منديلها، فالتقطه كنديد، فتناولت يده بسلامة قلب، وقبل الفتى يد الفتاة ببساطة مع نشاط ولطف وظرف خاص، وتلتقي شفاههما، وتلتهب أعينها، وتصطك ركبهما، وتضل أيديهما.
ويمر السيد البارون ثندر تن ترنك بجانب الحاجز، ويشاهد هذه العلة وهذا المعلول، فيطرد كنديد من القصر، راكلا إياه من الخلف بشدة، ويغمى على كونيغوند، وتفيق وتلطمها السيدة البارونة، ويستحوذ ذعر على الجميع في أجمل ما يمكن أن يكون من القصور، وأبهج ما يمكن أن يشاد منها.
الفصل الثاني
ما حدث لكنديد بين البلغار
طرد كنديد من فردوس الأرض، فسار طويلا على غير هدى، باكيا رافعا عينيه إلى السماء، محولا إياهما - في الغالب - نحو القصر الأروع المشتمل على أجمل بارونة صغيرة، وقد نام بين أخدودين في وسط الحقول من غير أن يتناول العشاء، وقد كان الثلج يتساقط رضابا.
Halaman tidak diketahui
1
ويبدو كنديد في الغد مرتعد الفرائص بردا، فيجر نفسه إلى المدينة المجاورة المسماة فلدبرغوف تراربك دكدورف صفر اليد، ميتا جوعا وتعبا، ويقف حزينا عند باب حانة، ويلاحظه رجلان لابسان ثيابا زرقا، فيقول أحدهما للآخر: «ذاك شاب - يا رفيقي - حسن التكوين، مقبول القامة»، ويتقدمان نحو كنديد، ويدعوانه إلى الغداء بأدب جم، فيقول لهما بتواضع فتان: «أي سيدي: إنكما تبالغان في إكرامي، ولكن ليس عندي ما أدفع به حصتي»، فيقول أحد اللابسين ثيابا زرقا:
2 «آه سيدي، إن من له مثل وجهك وفضلك لا يدفع شيئا، ألا تبلغ قامتك خمس أقدام وخمس بوصات؟» ويقول مع حنو رأس: «أجل أيها السيدان، ذلكما قوامي.»
ويقولان: «آه أيها السيد، اجلس حول المائدة، لن نطيق وجود رجل مثلك يعوزه المال، فضلا عن أننا لا نكلفك بدفع شيء، فقد خلق الناس؛ ليتعاونوا»، ويقول كنديد: «الحق كما تقولان، وهذا الذي كان السيد بنغلوس يقوله لي دائما، وأرى كل شيء على أحسن ما يكون»، ويرجوان أن يقبل منهما بعض الدراهم فيأخذها، ويريد أن يعطي سندا بذلك، فلا يوافق على هذا مطلقا.
ويجلس الجميع حول المائدة، ويسأل: «ألا تحب حبا رقيقا؟» ويجيب: «وي! أجل، أحب الآنسة كونيغوند حبا رقيقا.» ويقول له أحد ذينك السيدين: «لا، إننا نسألك عن حبك لملك البلغار حبا رقيقا»، ويقول: «كلا؛ لأنني لم أره قط.» - «كيف؟! هو أكثر الملوك فتنة، فيجب أن يشرب نخبه.» - «وي! سمعا وطاعة أيها السيدان»، ويشرب، ويقال له: «كفى، أنت الآن سند البلغار وحاميهم وبطلهم، وقد نلت حظا، وضمنت مجدا.»
وتقيد رجلاه بالحديد حالا، ويؤتى به إلى الكتيبة، ويؤمر بالالتفات يمينا وشمالا، وبرفع المدك ووضعه، وبتسديد البندقية وإطلاق النار، ومضاعفة الخطو، ويضرب بالعصا ثلاثين مرة. وفي الغد يتحسن في التدريب قليلا فلا يتلقى غير عشرين ضربة، ويتلقى عشر ضربات فقط بعد يومين، فيعده رفقاؤه من الأعاجيب.
بهت كنديد ولم يكشف جيدا بعد كيف أنه بطل. ويعن له في يوم من الربيع أن يتنزه، وأن يمضي قدما معتقدا أن استخدام الإنسان لساقيه كما يروقه امتياز للنوع البشري كما هو امتياز للنوع الحيواني، ولم يكد يسير فرسخين حتى أدركه أربعة أبطال، يبلغ طول الواحد منهم ست أقدام، فأوثقوه وأتوا به إلى سجن مظلم.
ويسأل قضائيا عن اختياره بين أن يجلد ستا وثلاثين مرة من قبل كل جندي في الكتيبة، وأن يتلقى في دماغه اثنتي عشرة رصاصة دفعة واحدة. وهو - على ما كان من احتجاجه بأن للناس إرادة حرة - فلا يريد هذا ولا ذاك، لا بد له من الاختيار، فأراد - بما أنعم الرب عليه من حرية كما تسمى - معاناة السياط ستا وثلاثين مرة، ولم يحتمل غير جولتين، وكانت الكتيبة مؤلفة من ألفي رجل، فأصابته بأربعة آلاف جلدة، أسفرت عن كشف عضله وعصبه فيما بين نقرته
3
ومقعده. وبما أنه عاد لا يطيق أكثر من ذلك، وبما أنهم كادوا يبدءون بالجولة الثالثة، التمس ضارعا أن يحسن إليه بتحطيم رأسه، فنال هذا اللطف.
Halaman tidak diketahui
وتعصب عيناه، ويقعد على ركبتيه، ويمر ملك البلغار في تلك الدقيقة، ويسأل عن جناية المحكوم عليه بالموت، ويدرك الملك - بما فطر عليه من عبقرية عظيمة، وبما علم عن كنديد - أنه فتى من علماء ما بعد الطبيعة، جاهل كل الجهل لأمور هذه الدنيا، فيعفو عنه برأفة تحمد له في جميع الصحف وعلى مر القرون.
ويشفى كنديد في ثلاثة أسابيع على يد جراح جريء، استعمل ما نص عليه ذيسقوريذس من مراهم، ويكتسي قليل جلد، ويستطيع المشي في وقت سار فيه ملك البلغار لمقاتلة الآبار.
الفصل الثالث
كيف نجا كنديد من البلغار وما وقع له
لم يكن مثل الجيشين شيء روعة ونشاطا وبهاء وحسن تنظيم، وكان يتألف من الأبواق والمزامير والنايات والطبول والمدافع انسجام لم يوجد له نظير في جهنم، وأول ما صنعته المدافع هو أنها صرعت نحو ستة آلاف رجل من كل جانب، ثم قضى إطلاق البنادق على ما بين تسعة آلاف وغد وعشرة آلاف وغد من أصلح العوالم، كانوا يفسدون وجهه.
وكانت الحراب سببا كافيا لهلاك بضعة آلاف من الناس، ويمكن تقدير جميع ذلك بثلاثين ألفا من النفوس، ويرتجف كنديد مثل فيلسوف، فيختفي ما استطاع في أثناء هذا المجزر البطلي.
وأخيرا، بينا كان كل من الملكين يأمر بأن ترتل تسبحة الشكر في معسكره، عزم كنديد على الذهاب إلى مكان آخر؛ لينظر في المعلولات والعلل، ويمر على أكداس القتلى والمحتضرين. ويبلغ في بدء الأمر قرية مجاورة تحولت إلى رماد، وهذه قرية آبارية حرقها البلغار وفق قوانين الحق العام، وهنا شيوخ أمعن في ضربهم، فينظرون إلى نسائهم اللائي ذبحن ممسكات أولادهن عند ثديهن الدامية، وهناك فتيات مبقورات البطون، يلفظن أنفاسهن الأخيرة، بعد أن قضى بعض الأبطال أوطارهم الطبيعية منهن، وهنالك أخريات نصف محرقات يصرخن للإجهاز عليهن، وتوجد أدمغة منثورة على الأرض بجانب ذرعان مقطعة وسيقان مبتورة.
ويفر كنديد إلى قرية أخرى بأسرع ما يمكن، وهذه قرية من أملاك البلغار عاملها أبطال الآبار بمثل ما عامل به البلغار تلك القرية، ويمشي كنديد دائما على أشلاء مرتجة، أو من بين أنقاض.
وأخيرا ينتهي إلى ما وراء ساحة الحرب، حاملا قليلا من الزاد في خرجه غير ناس للآنسة كونيغوند مطلقا، وتعوزه الميرة حين وصوله إلى هولندة، ولكن بما أنه سمع قولا عن كون جميع الناس أغنياء نصارى في هذا البلد، لم يشك في أنه سيلقى حسن معاملة منهم، كما عومل في قصر السيد البارون قبل أن يطرد منه في سبيل عيني الآنسة كونيغوند الجميلتين.
ويسأل كثيرا من ذوي الرصانة أن يعطوه صدقة، فيجمعون على الجواب، بأنه إذا داوم على هذه الحرفة حبس في دار للإصلاح، يعلم فيها كيف يعيش.
Halaman tidak diketahui