لذلك عمدوا إلى أسلوب جديد استهدفوا من ورائه الضغط على الخليفة حيث قاموا بتأجيج الثورة الإعلامية التي انتشرت في الأمصار انتشار النار في الهشيم ، فبعد أخذ ورد استغرق وقتا كان الخليفة يماطل من خلاله في وعوده ، اجتمعوا ووجهوا كتابا لأهل مصر ، هذا نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم : من المهاجرين الأولين وبقية الشورى ، إلى من بمصر من الصحابة.
أما بعد : أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله (ص) قبل أن يسلبها أهلها ، فإن كتاب الله قد بدل ، وسنة رسول الله (ص) قد غيرت ، وأحكام الخليفتين قد بدلت. فننشد الله من قرأ كتابنا هذا من بقية أصحاب رسول الله (ص) والتابعين بإحسان إلا أقبل إلينا ، وأخذ الحق لنا وأعطاناه ، فأقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وأقيموا الحق على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيكم وفارقكم عليه الخلفاء ، غلبنا على حقنا ، واستولي على فيئنا ، وحيل بيننا وبين أمرنا ، وكانت الخلافة بعد نبينا خلافة نبوة ورحمة ، وهي اليوم ملك عضوض ، من غلب على شيء أكله (1).
لقد كان هذا الكتاب وثيقة حسية عبرت عما يعتمل في نفوس المسلمين من السخط والغضب لما آلت إليه الأمور من تغيير وتبديل في سير الخلافة ونهجها.
وهكذا بدأت رياح التغيير تعصف لتنتقل بالمسلمين من موقع المعارضة الهادئة إلى موقع الثورة ، بعد أن وجهوا انذاراتهم المتعددة من أقاليم متعددة ، وبعد أن صرخوا باحتجاجاتهم وصرحوا بالطلب من الخليفة أن يصلح ما أفسده عهده ، غير أن تلك الصرخات وتلك الإحتجاجات ذهبت أدراج الرياح ، حيث لم تلق أذنا صاغية بل لحقها إصرار شديد على الإلتواء والإنحراف ، سيما من تلك البطانة التي كانت تحدق بعثمان وتتحكم فيه ،
Halaman 104