Dunia Empangan dan Sekatan
عالم السدود والقيود
Genre-genre
وتمام العلم بنشوز هذا المخلوق الغريب أن تعلم أنهم نقلوه من «أوضته» العزيزة عليه إلى قسم التأديب، فأراد أن ينتقم من المأمور فماذا صنع؟ عمد إلى الصفيحة التي تناط إلى صدره وعليها رقمه فشحذها وقطع بها إحدى خصيتيه! •••
أما ثالث الثلاثة أو الأربعة الذين يستحقون اسم «الشخصيات» بين أولئك النكرات، فليس هو بمجنون ولا بمخبول، ولا بشاعر أو فنان، ولكنه مقعد يمشي على خشبة ذات مكر، يدفعها بمقبض في كلتا يديه كما يدفع السابحون زوارق الحمام.
ولا يخاف السجناء مجنونا في ثورته كما يخافون ثورة هذا المقعد الكسيح.
ويخطئ القارئ إذا فهم من قولنا «ثورته» أن الرجل يثورها مهتاجا مغلوبا على أمره كما يثور الغاضب المحنق، أو الطائش الأحمق، كلا! فإن الرجل ليثور لأنه يريد أن يثور، بل محتاج إلى أن يثور، فثورته في كل مرة لا تأتي إلا بروية وتدبير وتقدير.
وجلية أمره أنه سجين مخدرات، وأنه في السجن ما زال يتجر بالممنوعات والمهربات، وأهمها وأنفسها التبغ والكبريت.
ولعله يكسب في السجن أضعاف ما يكسبه من السموم المهربة وهو طليق.
فإذا استضعفه أحد من عملائه، وظن أن هذا العاجز الكسيح أهون من أن يحسب له حساب أو يؤدي له حساب - فالويل للأحمق المأفون من عاقبة جهله وغروره: إنه لمغلوب ولو كان أقوى الأقوياء، وإنه لن ينجو من الجروح، والرضوض، وإن لم يظفر به الكسيح كل الظفر ، ولم يهزمه كل الهزيمة، فبينما الخصم القوي الواقف على قدميه لا يناله في مقتل، ولا مأمن، إذا بذلك الكسيح يتناول كل ما نالته يداه ويقفز ويندفع ويكر ويفر كأنه الديك الصائل، لا تمسكه العين في حركة واحدة أو موضع واحد، وسلاحه في كل ذلك تلك الخشبة التي يجلس عليها، وذلك المقبض الذي يحمله في كلتا يديه، ولا تنتهي المعركة إلا وهو أربح الخصمين وأسلم المضروبين.
هذا المخلوق هو مثال القوة التي تخلقها الحاجة إليها، واستضعاف الناس لمن لا يحسبونه من أهلها. •••
بقي الرابع المرشح لتكملة العدد، ولك أن تحسبه أو تسقطه من عداد هذه النخبة المباركة، فلست أعرف له من معالم «الشخصية» إلا أنه يضطرك إلى رؤيته، ويفرض عليك وجوده، فإذا أقبل شبح من بعيد في غرارة من غرارات العقاب المفتوحة عند الكتفين فغالبا ما يكون الشبح المقبل هو «الون» بعينه، وإذا رأيت كسوة حمراء من كسى التأديب تقترب في عنف وعجلة فأقرب الاحتمالات إلى الصواب أن «الون» هو صاحب تلك الكسوة الحمراء، وإذا لم يكن بين المصطفين للجلد فهو لا محالة بين المصطفين للتحقيق أو بين المصطفين للفحص الطبي في غير مرض ولا انحراف مزاج، وإذا لم تسمعه مغنيا في هذه الطبقة فهو ولا ريب صائح أو صاخب في الطبقة المجاورة، فليس هو «شخصية» لأنك تحب أن تراه أو يهمك أن تراه، ولكنه «شخصية» لأنك لا بد أن تراه وإن كرهت مرآه.
وأظرف عربداته الكثيرة أنه طرأ له يوما من الأيام أن يصطنع الخرس والصمم، فلا سمع ولا جواب، ولج في اصطناعه حتى حاول أن يعمي الأمر علي وهو يزعمني من أصدقائه وخلصائه، ولا يداري عني ما يداريه عن الضباط والحراس المبغضين، فلما سألته: أصحيح أنك لا تسمع ولا تتكلم؟ لمعت عيناه ولم ينبس بحرف، وتباله بسيماه كما يتباله الصم المغلقون، الذين لا يسمعون ولا ينطقون ولا يفقهون.
Halaman tidak diketahui