Calam Qutbi
العالم القطبي ونورديا: دراسة جغرافية
Genre-genre
وتتدرج كمية الأمطار الساقطة عامة في القلة كلما اتجهنا شرقا، وهي بذلك أعلى ما تكون في منطقة الجبال الغربية وعلى الساحل الجنوبي الغربي حيث يزيد ما يسقط من الأمطار سنويا عن ألف مليمتر، ولكن الجبال الغربية تتلقى في مجموعها كمية من الأمطار تزيد في بعض مناطقها عن ألفي مليمتر، وبذلك يلعب ارتفاع التضاريس أثره في كمية المطر بالقياس إلى الإقليم الهضبي الجنوبي الغربي، وتتمتع منطقة شمال برجسلاجن أيضا بكمية أمطار وفيرة، أما جنوب السويد ووسطها وغربي نورلاند فتسقط فيها كمية أمطار متوسطة تتراوح بين 500 و700 مليمتر في السنة، ويمثل إقليم نوربوتن وسواحل خليج بوثنيا أقل مناطق السويد مطرا لوقوعها في ظل الجبال.
وتبلغ كمية المطر الساقطة أقصاها في أواسط وأواخر الصيف، وفي بعض الأحيان نجد قمة مطر صغيرة أخرى في شهر أكتوبر/تشرين أول؛ بينما أقل كمية مطر هي تلك التي تسقط في أوائل الربيع، ولكن إلى جانب ذلك فهناك كمية كبيرة من الثلج المتساقط الذي يغطي معظم السويد بغطاء أبيض طوال الشتاء، وتبدو الطبيعة كلها كما لو كانت تغط في سبات عميق، ومع ذلك فالشتاء هو فصل النشاط والحركة في وسط وشمال السويد، وذلك بالنسبة إلى الذين يعيشون على حرف الغابات، وإلى معدني خام الحديد وعمال النقل.
أما الربيع في السويد فهو قصير جدا لدرجة أن كثيرا من الكتاب يعتقدون أن في السويد فصلين: صيف لا بأس بدفئه وشتاء طويل تغطي فيه الثلوج أسوار الحقول والبيوت وتتجمد الأنهار ومسطحات البحيرات، ويصبح الانتقال سهلا ومباشرا وغير مرتبط بالطرق التي لا تظهر تحت غطاء الجليد، ولكن في جوتالاند يمتد الربيع والخريف امتدادا زمنيا أطول بكثير مما في الوسط والشمال، ولا شك في أن ذلك مرتبط بتأثير نفوذ البحر.
ولعل مدى فصل الإنبات هو دليل على التغير الحراري الموسمي، وتحسب عدد أيام الإنبات في نورديا على أساس الأيام التي يزيد متوسط الحرارة اليومي فيها في الربيع والخريف عن ثلاث درجات مئوية فوق الصفر.
وبناء على هذا المقياس نجد أن فصل الإنبات في إقليم سكانيا يبدأ في أول أبريل ويستمر حتى بداية ديسمبر (حوالي ثمانية أشهر - مثله في ذلك مثل الدنمارك)، أما في وسط السويد (وجنوب شرق النرويج وجنوب فنلندا حوالي درجة العرض 60 شمالا)، فإن فصل الإنبات والنمو النباتي يمتد من أول مايو إلى الأسبوع الأول من نوفمبر (حوالي ستة أشهر)، وتتأخر بداية موسم الإنبات على طول سواحل خليج بوثنيا السويدية والفنلندية معا حوالي عشرة أيام أخرى عن بدايته في وسط السويد (أي يبدأ حوالي 10-15 مايو)، وذلك نتيجة للتأثير البارد لخليج بوثنيا والبلطيق، ولكن يعوض ذلك أن البحر يؤثر مرة أخرى في تأخير انخفاض درجة الحرارة خلال الخريف، ويؤدي التأثير البحري إذن إلى أن فصل الإنبات يمتد زمنيا في مناطق بوثنيا الساحلية لفترة مساوية لتلك التي يرصدها الباحثون في وسط السويد - وإن تأخر موعد البداية والنهاية لهذا الفصل عن مثيلهما بحوالي عشرة أيام.
وفي منطقة الدائرة القطبية نجد فصل الإنبات يبدأ في حوالي 20 مايو، ولكنه يبدأ في أول مايو على الساحل النرويجي في العروض القطبية، ويدل على مدى تأثير البحر على النرويج، ويستمر هذا الفصل أربعة أشهر فقط (أواخر سبتمبر، بينما يستمر إلى أواخر أكتوبر على الساحل النرويجي)، ويعوض هذا النقص في طول موسم الإنبات أن الإشعاع الشمسي طويل الأمد كما سبق أن ذكرنا. (4) التربة
تتغير التربة كثيرا من مكان لآخر في السويد، وهذا التغير مرتبط بدون شك بالتعرية الجليدية التي عاشتها الأراضي الاسكندنافية حتى العصر الحديث، وفي إقليم نورلاند نجد التربة مستمدة من الإرسابات البحرية اللاحقة للعصر الجليدي؛ ولذا فهي تربة خالية من الأحجار وصالحة للزراعة بسهولة، أما الأراضي التي يظهر فوقها إرسابات جليدية فوق الرسوبات البحرية، فإنها مليئة بالأحجار مما يصعب معها القيام بالأعمال الزراعية.
وعلى وجه العموم فإن التربة ضعيفة ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج وذلك راجع إلى رطوبة الجو وبرودته الدائمة، وهما عاملان لا يساعدان على تكوين وإنضاج التربة، ونلاحظ تشابها كبيرا بين أنواع التربة والتركيب الجيولوجي، فأحسن التربات هي تلك المشتقة عن صخور الكمبري والسيلوري - الرملية والجيرية - التي تحتوي على غذاء النبات - وخاصة الجير، وتوجد مثل هذه التكوينات الصخرية في سكانيا وأولاند وجوتلاند وأحواض منعزلة في منطقة البحيرات الوسطى وإقليم يمتلاند، ومناطق صغيرة متفرقة في شرق وسط السويد - وتمتد أيضا في جنوب فنلندا وإستونيا عبر البلطيق.
وكذلك نجد قيمة عالية للتربات المشتقة من الصخور الجيرية الكريتاسية، مثلها في ذلك مثل التربة المشتقة من الصخور الكمبروسيلورية، وهذه توجد أيضا في إقليم سكانيا الغربي والجنوبي، وفيما عدا ذلك فإن التربات السويدية الأخرى محتاجة دائما إلى كميات كبيرة من الجير كل سنة، كما تحتاج الحقول إلى صرف جيد للمياه الزائدة خلال موسم الفيضان وإلا تأخر نمو المحصول كثيرا. (5) النبات الطبيعي
اشتركت عوامل التغير المناخي وأشكال التربة في ظهور تغيرات كثيرة في شكل الغطاء النباتي، ففي المناطق التي تعلو عن 500 متر نجد الغطاء النباتي فقيرا في الأنواع ومتفرقا غير كثيف، وتسيطر عليه الأعشاب والأشنيات والطحالب إلى جانب أنواع قزمية من أشجار البتولا، وفي أسفل هذه المناطق الألبية نجد مساحات واسعة من غابات البتولا المتنوعة حسب أنواع التربة، ففي المناطق ذات التربة الجيدة تنمو البتولا إلى ارتفاعات عالية، كما تنمو الأعشاب وغيرها مما يميز النمو النباتي الأرضي بالكثافة والغزارة، أما في التربات الفقيرة فإن النمو الأرضي قليل ولا ترتفع الأشجار كثيرا إلى أطوال عالية.
Halaman tidak diketahui