Dunia Iskandar Agung
عالم الإسكندر الأكبر
Genre-genre
حتى من دون مظلة دعم الإسكندر، ظلت أوليمبياس تلعب دورا كبيرا في الأحداث بعد موت غريمها أنتيباتروس سنة 319، ولدى عودتها إلى مقدونيا من إبيروس سنة 317، تولت حماية حفيدها الإسكندر الرابع، محاولة تأمين العرش له وحده بدلا من استمرار تقسيم السلطة الذي استقر عليه في بابل، والذي تمخض عن تقاسم الإسكندر الرابع وفيليب أريدايوس الحكم. يختار المقدونيون صف أوليمبياس والإسكندر الرابع، ربما بدافع العاطفة تجاه ابن الإسكندر الثالث، وإن كان أيضا بفعل الإعجاب بقوة شخصية أوليمبياس ذاتها. ونظرا لأن الملك الصغير الإسكندر كان بالكاد في السادسة من عمره، كانت أوليمبياس تسير الشئون، التي بدأت بمقتل أريدايوس وزوجته حفيدة فيليب الثاني من زوجته الإليرية أوداتا. ويروى أن أوليمبياس كانت أيضا وراء مقتل مائة من أنصار كاساندروس بن أنتيباتروس، ومقتل أشقاء كاساندروس، الذين كانوا خصوما مؤكدين لغريمة أبيهم. وفي 315 أجبرت أوليمبياس على الاستسلام لكاساندروس هذا ذاته، وماتت بعد ذلك بفترة وجيزة.
وفقا للتقدير القائل بأن أوليمبياس كانت تبلغ من العمر 16 أو 17 سنة عند زواجها بفيليب، تكون قد ناهزت 70 سنة أثناء جهودها نيابة عن حفيدها. وتقدم لنا هذه المعلومة فكرة ثاقبة عن طبيعتها وشخصيتها؛ إذ كانت في كامل قواها البدنية والعقلية، وقد شحذتها لا شك طبيعة الحياة في إبيروس ومقدونيا وكذلك نضالها للحفاظ على حياتها وحياة ولديها وجعلهما مرشحين مناسبين للخلافة كما في حالة الإسكندر، أو لزواج مهم كما في حالة كليوباترا.
ومن الجائز تماما أن معتقداتها الدينية قوت إحساسها بالنفوذ. وتبين الإشارات التي يوردها بلوتارخس إلى أوليمبياس أنها كانت، كحال نساء كثيرات في «هذه المنطقة»، من أتباع الديانتين الأورفية والديونيسية في آن واحد. ولو تذكرنا أن الشاعر يوربيديس استلهم مأساته «الباخوسيات» من الأحداث التي جرت أثناء إقامته في مقدونيا، فربما يؤكد هذا عموما صحة ارتباط أوليمبياس بالطقوس الديونيسية. يمضي بلوتارخس قائلا: «كان من عادة أوليمبياس أن تدخل في حالات من التلبس وتسلم نفسها لإلهام الإله بانفعال أشد جموحا حتى من الآخرين، وكانت تشرك في المواكب الاحتفالية أعدادا من الثعابين الكبيرة التي روضتها بيدها؛ ما كان يرعب المتفرجين الذكور» (الإسكندر، الكتاب الثاني). ويقال إن فيليب اكتشف ذات ليلة أحد هذه الثعابين ممددا بجوار أوليمبياس وهي نائمة (الإسكندر، الكتاب الثاني). ويروى أنها أخبرت الإسكندر بحقيقة حملها به ، فقالت: «إن صاعقة أصابت رحمها، فتلا ذلك وميض يخطف الأبصار خرج من نار عظيمة.»
والمنطقي أنها كانت تفخر بانتماء أسرتها إلى نيوبتوليموس ابن آخيل، وتذكر ابنها وبنتها بنسبهما البطولي. ومن الجائز تماما أنها أكدت هذه المعلومات وغيرها كتابيا حتى وهي بعيدة عن ولديها، وتدل الروايات التي تتحدث عن تراسلها والإسكندر فيما كان في حملته؛ على تلقيها تعليما رسميا لمبادئ القراءة والكتابة، وهو شيء يمكن توقعه بين أفراد الأسر الحاكمة في إبيروس ومقدونيا اللتين تطبعتا بالثقافة الإغريقية.
خلاصة القول أن أوليمبياس كانت شخصية قوية في أسرتين مالكتين. وبما أن نساء الأسرة المالكة المقدونية لم يكن يشغلن مناصب سلطة رسمية معترفا بها، كان نفوذها مستمدا من سماتها ومناقبها الشخصية. ومن الجائز تماما أن النساء كن يمارسن سلطة أكبر، حتى وإن لم يشغلن منصبا رسميا، خصوصا في خضم الاضطراب الذي تمخض عن مقتل فيليب، ثم عند رحيل الإسكندر إلى الشرق، وفي الفوضى التي وقعت في أعقاب موته. كان العالمان السياسيان اللذان عاشت فيهما أوليمبياس وكليوباترا يتيحان فرصا غير عادية؛ إذ تركت كليوباترا كوصية على عرش مولوسيا عند رحيل زوجها لشن حملة منكوبة في إيطاليا، واستمرت في السلطة عندما مات أثناء تلك المغامرة. واكتسبت كليوباترا أيضا أهمية إضافية بعد موت زوجها كزوجة محتملة لأحد خلفاء الإسكندر، لكن لم يعش أي من الأزواج المحتملين طويلا ليتزوجها.
لم تطلب أوليمبياس كزوجة، بل فتح الصراع على العرش المقدوني بابا لنشاطها ما دامت رغبتها قوية في الاحتفاظ بالحكم في ذرية فيليب. ونجحت كما رأينا في القضاء على جميع المرشحين المحتملين سوى ابن الإسكندر، وربما كان مقتلها سنة 315 هو الذي قلل فرص البقاء أمام الإسكندر الرابع. أيقن كثير من الخلفاء الذين كانوا قد وطدوا دعائم سلطتهم الفعلية آنذاك في أجزاء من الإمبراطورية بحلول 310 / 309؛ أن بوسعهم اتخاذ اللقب وولاية الملك حتى من دون نسب أرغي؛ ونتيجة لهذا الإدراك قضي على كل من تبقى من ذرية فيليب والإسكندر. وفي 306 / 305 اتخذ اثنان من الخلفاء لقب بازيليوس أو ملك، وتلاهما آخرون. لكن بنات فيليب ظللن فترة من الزمن يتمتعن بأهمية كزوجات محتملات لخلفاء الإسكندر. كانت الهالة المحيطة بالنساء الأرغيات ما زالت قوية، ومن المعقول أن نتفق مع ما قالته إليزابيث كارني من أن «حياة أوليمبياس السياسية الطويلة كانت أشبه بمرحلة فاصلة؛ إذ كادت نساء الأسرة المالكة المقدونية قبلها يكن عديمات الحضور، وأما بعدها في الفترة الهلنستية، فتولت الملكات غالبا أدوارا مهمة كمشاركات في الحكم ووصيات على العرش» (1987: 38). (2-1) تأثير أوليمبياس على الإسكندر
لعل من الأهمية بمكان أن نتذكر أنه مع ما يقال من أن زيارة الإسكندر إلى عرافة آمون-زيوس في واحة سيوة المصرية كشفت له عن هوية أبيه الحقيقة، وهو تحديدا زيوس، فإن اسم أمه لم يكن قط محل شك. وبالإضافة إلى أن أوليمبياس واهبة الحياة لابنها، فإنها مكنته من البقاء خلال مرحلة الطفولة، ومن أن يصير الخليفة المرجح لفيليب الثاني. وجاء جزء من هبتها هذه من خلال أفعالها المدروسة، ومن ذلك ربما عملها على إضعاف القدرات العقلية والبدنية لابن فيليب الآخر الوحيد. وهناك جوانب أخرى من هبتها فرضتها الظروف عليها؛ ومن ثم على ابنها.
من هذه الظروف أنه سيقضي غالبية سنوات عمره الأولى في بيئة المجمع الملكي المشحونة بالتوترات في بيلا. لا توجد وسيلة لقياس مقدار ما أدركه الإسكندر من ذلك الجو المشحون في شبابه، لكنه لم يكن منفصلا عن الآخرين من أفراد البيت المالك. ولا نرجح أن أوليمبياس سكتت على ذلك الوضع. ونتبين حقيقة أنها كانت هي والإسكندر ضالعين سويا في منافسة مستمرة من حياتهما في المنفى الاختياري بعيدا عن بيلا إبان زواج فيليب بكليوباترا؛ فمع أن الزواج كان إحدى أدوات الدبلوماسية، لم تكن زوجات الملك مضطرات إلى أن يبقين مخلوقات سلبيات، ولم يكن الموقف يشجع كذلك على السلبية.
أتاح الترعرع في القصر في بيلا فرصا مهمة للإسكندر، كالاتصال بأترابه من أبناء النخبة، ومن ذلك غلمان الملك (صبيان بيوت النبلاء) والأسر التي لجأت إلى بيلا، كأسرة أرتبازوس، أحد مرازبة ملك فارس، الذي كانت ابنته براسين قريبة من عمر الإسكندر. كان القصر أيضا مكان إقامة الندوات التي تحضرها النخبة ومكان استقبال السفراء، وعلى الرغم من عدم مشاركة الإسكندر في هذه الفعاليات ريثما نضج، فلا بد من معرفته بأمرها ومن مشاركته فيها عندما كبر، وفوق ذلك صار على دراية بالأنشطة التي تمارس في وسط بيلا، وبمن يمارسونها.
عززت أوليمبياس نسب الإسكندر البطولي من خلال انتساب أسرتها إلى سلالة آخيل، مما يجعل ابنها وريث أعظم بطل في طروادة وبطل المستحيلات الإغريقي هرقل في آن واحد. وكان انتساب أمه إلى ديانة ديونيسيوس مصدر إلهام قويا آخر طوال حملته. ولنا أن نضيف، مطمئنين، إلى هذه العناصر تأثير أوليمبياس شبه المؤكد على التعليم الرسمي الذي تلقاه ابنها لمعرفة القراءة والكتابة وفهم العناصر الثقافية الإغريقة، التي كانت ذات شأن في إبيروس وفي مقدونيا على السواء.
Halaman tidak diketahui