Dunia Iskandar Agung
عالم الإسكندر الأكبر
Genre-genre
زاد تكاثر فروع الأسرة الحاكمة الخلافة تعقيدا على تعقيدها؛ ففي الصراع الذي أعقب موت بيرديكاس الثاني، والذي أسلفنا وصفه في الفصل الثاني، ولي الملك لفترات وجيزة أبناء ثلاثة أفرع أرغية. وفيما بعد لدى موت فيليب الثاني، كان من الجائز أن يعود الملك إلى ذرية أخيه بيرديكاس الذي سبقه على العرش؛ إذ كان لبيرديكاس ابن هو أمينتاس، وتخطي لصغر سنه لمصلحة عمه فيليب، وبحلول سنة 336 كان أمينتاس هذا رجلا يحق له المطالبة بالملك. وفيما بعد لدى موت الإسكندر الثالث سنة 323، وقع اختيار جمعية الجيش على ابن فيليب، وهو فيليب أريدايوس، وأما قواد الإسكندر فوقع اختيارهم على طفل الإسكندر، وكان لا يزال جنينا في بطن أمه، شريطة أن يكون ذكرا . وهكذا، فعلى الرغم مما يبدو من انحصار الاختيار في أبناء السلالة الأرغية لعدة قرون قبل زمن الإسكندر، كان المرشحون الأرغيون لوراثة العرش كثيرين. (1-1) طبيعة الحكم الأرغي
كانت هذه الآصرة بين الملك الأرغي وجمعية الجيش ضرورية لوراثة العرش ومن بعدها حكم المملكة. ولم يصف هيرودوت الإسكندر ك «بازيليوس» (بمعنى حاكم) المقدونيين فحسب، بل أيضا ك «استراتيجوس» (بمعنى قائد) جيش المملكة (الكتاب التاسع، 44). ولا يسعنا تمييز الفرق بين معنيي الكلمتين في أذهان المقدونيين، بل من غير المؤكد أن المقدونيين أنفسهم كانوا يلقبون زعيمهم «بازيليوس»؛ لأن المسكوكات النقدية التي ضربها فيليب الثاني لا تحمل هذا اللقب، ولا نجد إلا قرب نهاية حكم الإسكندر الثالث مسكوكة نقدية منقوشة تجمع بين كلمتي ألكساندرو وبازيليوس. ومن ناحية أخرى، من المؤكد أن الواجبات والامتيازات المرتبطة بالقيادة كانت جزءا لا يتجزأ من ولاية حكم المقدونيين.
كان مجمل صلاحيات الملوك المقدونيين وامتيازاتهم من نواح كثيرة مماثلا لصلاحيات أبطال هوميروس وامتيازاتهم؛ إذ اكتسب كل من أبطال الملاحم والحكام المقدونيين السلطة واحتفظوا بها بفضل مقدرتهم الشخصية، لا بصفتهم شاغلين لمنصب رسمي. كان الملوك المقدونيون دائما ناجحين بصورة أو بأخرى وفقا لقدراتهم الفردية، وبفضل التهديد المستمر بالغزو من الشعوب المجاورة، كانت القيادة العسكرية المجربة متطلبا جوهريا على الدوام. ومثلما رأينا، فإن تاريخ مقدون قبل حكم الإسكندر وبعده على السواء يبرهن تماما على الأخطار المتأصلة في موقع المملكة «الوسيط» بين أوروبا القارية وشبه الجزيرة اليونانية؛ ما كان يجتذب دوما دخلاء من كل حدب وصوب.
تجسدت هذه الحاجة إلى قوة عسكرية للحفاظ على المملكة في المؤسسات المقدونية؛ فبمجيء عهد فيليب الثاني، وربما في وقت مبكر من ذلك في عهد الإسكندر الأول، كان كل الرجال الأحرار القادرين على حمل السلاح ذوي أهمية بالغة في الحفاظ على كل من الدولة وسلطة أي حاكم بعينه بالتبعية. كانت تسمية الملك حقا مكفولا لجمعية الجيش ومسئولية منوطة بها، وبما أن الرجل المختار سيقود الجيش إلى النصر أو الهزيمة، فلا بد من أن يحوز بوضوح خصال القيادة في الميدان؛ لأن المتوقع من الملك أن يقود رجاله لا بمعرفته باللوجستيات والاستراتيجيات فحسب، بل أيضا ببراعته الشخصية في المعركة، فيقاتل في الطليعة مثلما فعل آخيل وديوميديس وكل قادة الفرق الآخرين في طروادة.
ما زاد الحاجة إلى القوة العسكرية طبيعة الشئون السياسية الداخلية في المملكة؛ إذ وجدت عائلات نبيلة أخرى حتى في مقدونيا الدنيا قبل توسع المملكة إلى مقدونيا العليا، لكن هذا التوسع أضاف إلى الدولة عددا من السلالات «الملكية» التي كان لكل منها في مملكتها ما للأرغيين في مقدون. كانت الدبلوماسية في التعامل مع هذه العائلات مهمة، لكن الجنود المقدونيين تحت قيادة ملكهم كانوا الأساس الذي تنبني عليه الدبلوماسية الناجحة. تمتعت نخب المملكة الموسعة بمنزلة صحابة الملك أو «هيتايروي»، وبمرور الزمن اكتسبت أواصر الولاء قوة تجاوزت حدود تهديد الانتقام البدني إذا ما قطعت هذه الأواصر. وسنبحث هذه التطورات بحثا أتم في الفصل الخامس.
جاء أحد سبل إقامة روابط أقوى مع اتساع رقعة المملكة؛ مما أتاح فرصة إقامة آصرة اقتصادية بين الملك والصحابة الجدد. وقيل إن الأرض التي اكتسبت بالفتح صارت بيد الملك يمنح من يشاء حق استخدامها مقابل التزامات معينة تؤدى إليه. ومع توسيع الملوك المقدونيين من أمثال فيليب نطاق ملكهم، زادوا مقدار الأراضي المتاحة لتخصيصها لأغراض كثيرة من ضمنها إقامة مستوطنات مقدونية جديدة. ربما كان من بين شاغلي الأراضي المضمومة إلى المملكة حديثا محاربون صحابة استقطبوا من أصقاع أخرى من محيط بحر إيجة؛ إذ استقر نيارخوس الكريتي في مستعمرة أثينا السابقة أمفيبوليس أثناء حكم فيليب. كان نيارخوس واحدا من صحابة (هيتايروي) فيليب ومن بعده الإسكندر؛ إذ شغل منصب مستشار كبير لهذا الأخير. وكان الأخوان إريجيوس ولاوميدون ينتميان إلى ميتيلين في جزيرة ليسبوس الإغريقية، واستقرا هما أيضا في أمفيبوليس وصارا من صحابة فيليب ثم الإسكندر.
من ضمن وسائل توثيق الأواصر مع العائلات النبيلة الأخرى ابتكار ينسب إلى فيليب الأول، وهو سياسة إرسال أبناء العائلات المهمة بمقدونيا العليا إلى بيلا لتلقي التدريب كحاشية (حراس شخصيين ثم ضباط مستقبليين) للملك ورفاق لأبنائه. كان هذا الترتيب يحقق غايات عدة، فيوفر العناصر اللازمة للإدارة المدنية والعسكرية الفعالة في الحاضر وفي المستقبل القريب على السواء، ويضع بين أيدي الملك الأرغي رهائن لضمان حسن سلوك آبائهم. كان من بين أبناء كبار النبلاء من أجزاء المملكة الأخرى كراتيروس وبيرديكاس وفيلوتاس، الذين سيكونون ضباطا مهمين في جيش الإسكندر. ونشأ أيضا هفايستيون، الشهير بأنه أقرب المقربين إلى الإسكندر، في هذه المنظومة في بيلا.
كان يقام منتدى لتبادل وجهات النظر بين عمداء العائلات النخبوية، ويبدو أنه كان بعدا آخر من أبعاد الآصرة بين الملوك الأرغيين ومن يدانونهم في المنزلة. وتذكر المصادر التي تتحدث عن حكم الإسكندر اجتماعاته المنتظمة مع كبار معاونيه. وعندما أحيط الإسكندر علما بتحركات داريوس وجيشه قبل معركة إيسوس على سبيل المثال، جمع أصحابه لينبئهم بالأمر، فشجعوه على المضي قدما، وبعدها فض الاجتماع (وكان يسمى «سيلوجوس» بمعنى النادي) (آريانوس، الكتاب الثاني، 6، 1). وفي وقت لاحق عندما ضرب المقدونيون الحصار حول صور، جاء رسل من لدن داريوس عارضين 10 آلاف وزنة والتخلي عن الأرض الممتدة من نهر الفرات إلى ساحل البحر الهيليني، فدعا الإسكندر ناديه لمناقشة العرض (آريانوس، الكتاب الثاني، 25، 1-2). وكما هو متوقع، كانت المرونة سمة عضوية هذه الاجتماعات وحضورها؛ إذ كان الضباط يبتعثون لتنفيذ مسئوليات بعيدا عن فسطاط الملك أو كان الموت يغيبهم نهائيا. والراجح أن فيليب وظف ناديا مماثلا للنقاش بين كبار أصحابه، لكن يبدو مستبعدا وجود هيئة ثابتة تشكل مجلسا رسميا في مقدون قبل الفترة الهلنستية. بدلا من ذلك وعلى الطراز الهوميري، كان الملك يستشير، كما يهوى، من حضر من أصحابه من ذوي الحظوة.
شكل 3-2: هرقل، جد الأرغيين الأول، يظهر في المنتصف ترافقه أثينا (في المقدمة) وهرمس (في المؤخرة) لتعريفه بالأوليمب. حقوق الطبع محفوظة لأمناء المتحف البريطاني.
شكل 3-3: آخيل جد الإسكندر الأعلى لأمه يسوق فرسيه إلى «ديفروس» (عربة يجرها الخيل). المصدر: آي كاكريديس، «الميثولوجيا الإغريقية»، إكدوتيكه أثينون للنشر.
Halaman tidak diketahui