Di Tepian Trotoar
على هامش الأرصفة
Genre-genre
فاجأتني أمه - التي هي أمي: لماذا تمقته هكذا؟ ولكنني لم أملك سوى تمتمة جبانة انسلخت من شفتي ببرود وألم، لا أدري ماذا قلت، اعذروني، تماديت في كرهي له، همست في أذنه: سأقتلك. ضحك، هز كتفيه بطريقة طائر البطريق - وهذا شأنه إذا سر - وهو يردد: تاني تاني. فلقد كان يستلذ بالنقنقة التي يحدثها صوتي في أذنه. قلت، كرر، قلت ... قرصته فأدميت ذراعه.
دخلت البيت الكبير، كانت «الراكوبة» تتوسط الحوش، حولها تنبت شجيرات العشر وخلفها اللالوبات نائمات في شيخوخة أزمنتهن الأسطورية، «حبوبتي» حريرة، في الزمن الكسول الذي ولى، قالت إن الجان يسكن أشجار اللالوب، ثم سردت لي قصة الحطاب، التي استمرت في حكيها لمدة شهر كامل، ذلك الحطاب الذي لم يع القول بأن الجن يسكن اللالوب، فقطعه، لتنزف سوقه دماء حمراء دافئة، فجن. جلس تحتهن قليلا، كانت أنفاسه منتظمة، كان يعمه سلام غريب وهو يغط في نومه، ذبابات يتجمعن على أنفه وبين شفتيه يمتصصن ما علق عليها من لعاب مختلط ببقية حلوى تناولها، ربما قبل نومه أو نام ولا تزال بقاياها في فمه، طنينها حادا، وهي تتطاير في كل صوب، وجهه في وجهي، كان فمه صغيرا، وشفتاه وردية طفولية في غاية البراءة، بحذر وخفة شيطانية ... اسمحوا لي أن أسألكم: من منكم رأى الشيطان؟ لا أريد إجابتكم الخرساء، فأنا على كل رأيته، وكان في شكل كلب «بت كركر»، ورأيته في رمضان قبل صلاة الفجر وهو ينزل من على شجرة اللالوب الكائنة بالخور الكبير، سمين ذو رأس ضخمة، أبيض، رمقني بنظرة رشيقة لكنها حادة، وجرى نحو النهر، كان خفيفا كالريح، أقول بخفة شيطانية، وأؤكد لكم على هذه الكلمة، وضعت قطعة الشطة ملوثة بالشيء القاتل في فمه وعبر ورد شفاهه، وهربت حاولت سحب لعابه من أصابعي، ولكنه كان عنيدا لزجا فتجاهلته. «شيوخ مجمع السحرة الأعزاء، دعوني أصلي قليلا في ذكرى تلك الأيام متوضئا بتعاسة جحيمي وعاصفة خبثكم، اسمحوا لي أن أبصق قليلا من الحلم والصلاة إذا سمحتم. حسنا لا أظن تستهوي أمثالكم تفاهة تفاصيلي.»
إذا تسللت إلى الحارة، كانت الضجة وصلتني وأنا لم أدلف إلى الزقاق الذي يقود إلى الحارة بعد، لا أدري لماذا يطغى نباح الكلاب دائما على ضجيج البشر إذا اجتمع الجمعان؟ كان الجميع يتكلم بانفعال وحماس نادرين؛ نساء، رجال، أطفال، تكومت الكلاب جماعة تطارد كلبا غريبا، أتى خلف سيدة من حارة مجاورة، ضخما ذا ذيل مقطوع أرخم تلتصق بعض القردان على أذنيه، عواؤه كان حزينا، رمقني بنظرة رشيقة وهو ينزلق عبر الزقاق البارد الضيق. عرفت ما حدث، بل سألت ودققت في الاستفسار لأبعد عني الشبهات، استعجلت الجمع إلى مستشفى المكان، ولكنه (فليرحمه الرب أينما كان) مات موتا باردا أملس رماديا يزكم الأنف فخيخه.
بصقت، أي والله، أي والله.
في ذلك الزمن المسيخ تنازعتني أمكنة وكتل، أقل ما يمكن أن توصف به أنها جنونية، شعرت أن هنالك شيئا ثقيلا انزلق من على ظهري وحملا ثقيلا تسلقني، كان شديد البرودة والصمت والكآبة لزجا، تسلقت الطريق إلى قطيتي، ويا ويلي من الطريق التي ما رجل مشت ولا قدم وطئت، وحل من الأسمنت المحشو بالدبابيس والأسلاك الشائكة والخبث المحمي، الليل مظلم ثقيل، كنت أحس بثقل الليل على أهداب عيني، على رموشي، على كل مسافة في جلدي، يتخللني كما يتخلل الزيت الفاسد الأرض العطشى، جرجرت رجلي، التصق حذائي بالأرض، تخلصت منه، حافيا مشيت، كان صراعا مريرا بيني وبين المشوار، وبعد طن من الزمن وحشد من العذابات وصلت بيتي ... آه، سأحاول أن أقص عليكم تفاهة تفاصيلي ما أمكن ... آآييه ... شيوخ مجمع السحرة الأعزاء، دعوني أصلي قليلا في ذكرى تلك الأيام، متوضئا بتعاسة جحيمي وعاصفة خبثكم. حسنا، حاولت فتح الباب، فكان ما لا يد فتحت ولا رجل دفعت، ثقيلا كان وعصيا، سقطت عليه بكل جسدي، فأصدر خشخشة حادة وتحرك في بطء، وكنت خائفا ومرهقا في وقت واحد، مثقلا بما لا أدري وما أدري، بحثت في جيوبي عن علبة كبريت، عثرت عليها، لم أبحث عن المصباح، تحسست فراشي لحظات، وكدت أن أرمي برأسي الثقيلة على الوسادة الباردة الشبعة بالرطوبة حينما سمعت طرقات على الباب، الصوت بعيد وكأنه من عمق سراديب الآخرة، المعبأة بالشياطين والسحرة، ثقيل على أذني، صار الطرق رعدا، عاصفة هوجاء، قلت: آآآآت، آآآت ... كانت المسافة بين سريري والباب لا تتعدى المترين، ولكنها تفجرت في ذاتي براكين من العذابات والأسفار من الأسئلة الممسوخة المجردة.
من يا ترى، من؟
أم أنهم ... قد ...؟
رفعت رجلا ثقيلة من على الأرض، وضعتها أمامي، رفعت الأخرى وضعتها أمامها - وهي اليسرى - «لم تعلمني أمي - التي هي أمه - أن أقدم الرجل اليسرى على اليمنى، وكذا الحال في شأن اليدين؛ لأن بهما الشيطان.»
بالتأكيد هذا لا يخصكم كثيرا. حسنا، رفعت اليسرى وضعتها أمام اليمنى، وهكذا م... ش... ي... ت، شهرا كاملا، نعم شهرا كاملا، وأنا أسير نحو الباب، لقد كان جسدي أثقل من جبل من الملح والزيت، ونفسي خاوية كبئر من الوهم، وأخيرا فتحت الباب، بالرغم من حلكة الظلام استطعت أن أتبينه، لقد كان مضاء تماما، وكمن جاء من سفر شاسع، أشعث أغبر، لا يتعدى طوله نصف المتر، أما أطرافه اللدنة الغضة عضلات مفتولة وكأنها جبيلات من اللحم، جبنت أن أتمعن وجهه جيدا، فأنتم أدرى بخوف القتلة من أوجه جنائزهم.
أو لأنني تعب ومرعوب. دخل، أغلق الباب خلفنا، ثم قفز في رشاقة «جنونية» - آسف على استخدام هذه الكلمة كثيرا، لكن ماذا أفعل وهي تقفز إلى لساني هكذا في جنون! - حسنا، همس في أذني قائلا: سلام، الشيء المسموم قتلني!
Halaman tidak diketahui