Di Pintu Bab Zuwayla
على باب زويلة
Genre-genre
قال ضاحكا: شكرا، وأمنيتك الأخرى يا خوند؟
قالت: قد نسيت كل ما كان يا طومان باي، فبالله عليك إلا ما نسيت أنت!
قال في رقة وعيناه تبرقان بريق العزم: ولكن فرضا علي أن أحقق أمنية جاشت بخاطرك يوما ما. لن يظل محمد ابن أصل باي على عرش مصر، ولست حقيقا بشرف الرجولة إن لم يسل دمه على حد سيفي ... ذلك الصبي المفتون!
قالت المرأة مذعورة: طومان! ماذا تقول؟
واسترسل الرجل في حديثه يقول، وقد عاد صوته رقيقا ناعما كأنما يوقع على وتر: ولن يكون طومان باي أهلا لك يا خوند إلا يوم يضع على رأسه التاج وتعودين - كما كنت - سلطانة على العرش، يخضع لها الملايين ويقبلون الأرض، وتعود أصل باي - كما بدأت - جارية لا يحتفل بها أحد، وأما بلا ولد!
وساد الصمت فترة بين الحبيبين، وحلق بهما الخيال في واد بعيد ... ومد إليها يده مصافحا، كأنما يتحالفان على الدم، ثم نهض.
وعاد قنصوه الخال من سرحته في البادية ، فما أقام في داره إلا ساعة حتى أنبأته جاريته النبأ ... - ماذا تقولين يا جارية؟ - كل ذلك قد كان يا مولاي، وستبيت مصرباي الليلة في القلعة زوجا للسلطان الناصر!
وتلقى الأمير النبأ كأنما انقضت على رأسه صاعقة، أفمن أجل ذلك أرسل به السلطان في تلك الرحلة النائية؟ أو لم يكف هذا الصبي أن يعيث في بيوت الناس ويهتك حرماتهم، حتى يتجرأ على خاله فيخالفه في غيبته إلى المرأة التي كان يطمح أن يتخذها زوجا فيسبقه إليها؟ له الويل ولأمه أصل باي! لقد طفح الكيل حتى لم يعد يجمل الصبر، ولكن أي شيء يصنع وهو ابن أخته التي رفعته من مملوك في الطبقة إلى رتبة الإمارة؟ أيجمل به أن يغدر بأخته وبسلطانه، ويحنث في اليمين التي حلفها على مصحف عثمان؟ ولكن الناصر هو الذي بدأ بالغدر وحنث في يمينه، ثم ما ذنب هذا الشعب حتى يحمل أوزار ذلك السلطان الصبي، الذي لا يستجيب لغير نداء شهواته؟!
واستطرد قنصوه الخال لأوهامه، ومضى يحدث نفسه مثل هذا الحديث، لا يكاد يجد بابا ينفذ منه إلى الرأي، فإنه لغارق في أفكاره إذ استأذن عليه صفيه الدوادار الثاني طومان باي فأذن له، فلم يكد يستقر في مجلسه بين يديه حتى قال في خبث: هل جاءك النبأ يا سيدي الأمير بأن مصرباي الجركسية تزف الليلة إلى سلطاننا الناصر ابن قايتباي؟
وكأنما أراد طومان باي أن يريشه سهما نافذا، فلم يترفق ولم يجمل واسترسل يقول: وقد زين القصر والقلعة، وامتدت الزينات من بيت أقبردي حيث يبدأ موكب العروس إلى حيث ينتهي عند قاعة الجلوة، وفرشت على طول الطريق شقائق الحرير، وكسيت جدران البيوت، وعلقت قناديل الزيت؛ لتكون زفة سلطانية ...
Halaman tidak diketahui