155

Di Pintu Bab Zuwayla

على باب زويلة

Genre-genre

يا ويلتا! هذا السلطان طومان باي في آخر مواكبه: فارس على سرجه قد أحاط به جند الروم وفي يديه أغلاله، والناس على جانبي الطريق قد ارتفع صراخهم واختلطت أصواتهم، فما يبين صوت من صوت، فما هو إلا الصدى يتردد بين جدران المدينة الأربعة، والسلطان مغلول اليدين يرد إليهم تحياتهم إيماء بالرأس وابتساما على الشفتين، وعلى وجهه نور اليقين وفي عينيه روح الطمأنينة.

وكان في شرفة الدار المطلة على طريق الموكب السلطاني في سوق مرجوش شيخ وشيخة، قد انطبقت شفاههما وجمدت في عيونهما نظرتان فيهما كل معاني القنوط واليأس ومرارة الخذلان.

وصرخت المرأة وقد جاوزها الركب مصعدا نحو الجنوب: ولدي!

ثم استدارت لتتعلق بعنق صاحبها وهي تسأله في لهفة: قل لي: أين يذهبون به؟

وكان الرجل شاحب الوجه كأنما قد نزف دمه، فقال وهو ينتزع الكلمات من بين فكيه: صبرا يا نوركلدي، وسنلحق بالركب لنرى.

ثم ولى وجهه نحو الباب والمرأة متعلقة بذراعه، فاندفعا نحو الطريق وخاضا في أحشاء الزحام

وكان الركب قد أبعد وجاوز الشرابشيين وقبة الغوري، ودنا من جامع المؤيد، ولكن الطريق وراءه من زحمة الخلق لم يكن فيه موضع لقدم، فلا يكاد السالك يمضي إلى الأمام خطوة حتى يرده الزحام إلى الوراء خطوات ...

وقالت المرأة ولم تزل متعلقة بذراع صاحبها: بالله قل لي يا أرقم: أين يذهبون به؟ لقد رأيته ولكنه لم يرني ولم يسمع ندائي!

قال أرقم: فسيراك ويسمع نداءك، وما أراهم الساعة إلا ذاهبين به إلى السجن؛ ليقيم فيه أياما قبل أن يرحلوا به إلى منفاه في مكة، أو إلى معتقل السلاطين في برج الإسكندرية.

قالت وفي صوتها رجاء: وتصحبني يا أرقم إلى حيث يذهبون به، حتى ألقاه وأتحدث إليه وأسمع منه؟ - وأصحبك إلى حيث تريدين يا نوركلدي!

Halaman tidak diketahui