138

Di Pintu Bab Zuwayla

على باب زويلة

Genre-genre

وبرقت في عينيه دمعة، وضمها إلى صدره وهو يقول: سأحملها راضيا يا شهددار، موقنا أن أول واجبي أن أموت لتعيشي وتعيش ابنتنا هذه نوركلدي الصغيرة! لتذكريني بها وتذكري أمي ... ولكني أرى التريث حتى يعود سائر الأمراء، ويعود مولاي الأمير محمد ابن السلطان، فإنه أحق بالعرش مني.

قالت مصممة: إن لم يكن محمد بن الغوري أحق بالعرش منك لأنه ابن السلطان، فإنه لم يزل صبيا لا ينهض بواجبها، وإنما السلطنة اليوم تكليف ومشقة، وأول واجبها الموت، ولأنت أحق بشرف الموت في سبيل الدفاع عن مصر من ذلك الصبي الناعم، فاحفظ فيه أباه ولا تقدمه إلى الموت وعلى رأسه التاج.

قال وأخفى في راحتيه عينين مغرورقتين بالدمع: سأحملها، سأحملها راضيا يا شهددار؛ لأدفع عن مصر وعنك، ولو بذلت دمي.

ثم نهض ليلقى أمراءه ويستمع إليهم ويبادلهم الرأي، وكان الأمراء على الإجماع في اختياره للعرش.

وفي كوم الجارح في خلوة الشيخ أبي السعود الجارحي وبين يديه، بايعه الأمراء والجند، وبايعه ابن الخليفة نائبا عن أبيه، وبايعه نواب القضاة، وبايعه المصريون جميعا أشرافا وسوقة، ودان له الزعر والعربان، واجتمعت على محبته القلوب، ونادى المنادي في الأسواق باسم السلطان الأشرف طومان باي «الثاني»، فتجاوبت الزغاريد من طاق إلى طاق، ونسيت القاهرة ساعة من نهار ما تتوقع أن يحل بها من البلاء والشر.

كان ذلك في القاهرة، أما هنالك فكان السلطان سليم في مجلس وزرائه قد جلس بين يديه خاير بك، وجان بردي الغزالي، وخشقدم الرومي، يداولون الرأي بينهم فيما يكون من أمر الخطة التالية ...

قال السلطان سليم: أما أنا فحسبي أن ترفرف رايتي على ربوع الشام، ويكون أميرها من قبلي خاير بك؛ جزاء لما قدم إلينا من المعونة، وليس لي في امتلاك مصر أرب ومن دونها الفلاة وأهوال الطريق.

فزم خاير بك شفتيه قائلا: إن مصر اليوم يا مولاي على مد ذراعك، فلو شئت لكان لك ثمة العرش والقصر والقلعة، وبسطت سلطانك على ضفاف النيل ، وملكت الحرمين وسواحل بحر الهند، وهيهات أن تقوم لجيش مصر قائمة بعد تلك الهزيمة وقد تفانى أمراؤها؛ فليس هنالك إلا طومان باي، وما أراه أهلا للدفاع.

قال جان بردي: فإن كان طومان باي هو كل هم مولاي فسأكفيه أمره، وما أظنه يطمع أن يكون له العرش حين يتراءى له جان بردي الغزالي، فإن شاء مولاي كنت في غد على الطريق إلى القاهرة.

قال خاير بك قلقا: صبرا يا جان بردي، فسندخل القاهرة مجتمعين على رأي، فلا يشغلك من أمر طومان باي شيء، ولعله يكون أبعد أملا عن العرش حين يرى خاير وجان بردي معا ...

Halaman tidak diketahui