لاحظت آيريس أن تركيزها منصب على زوجها، وأنها ليست مهتمة بامرأة غريبة مجهولة.
قال القس بشهامة، وهو يجاهد للوقوف على قدميه: «هل تودين أن أبحث عنها بدلا عنك؟»
جاء صوت زوجته حادا. «قطعا لا. لا تكن سخيفا يا كينيث؛ فأنت لا تعرف حتى كيف تبدو.» «هذا صحيح. سأعيقك أكثر مما سأساعدك.»
جلس القس في مقعده مرة أخرى ممتنا، ونظر إلى آيريس بابتسامة مصطنعة وسألها: «أليس أمرا مخجلا أن يكون المرء مسافرا مثيرا للشفقة إلى ذلك الحد؟»
قالت زوجته ناصحة: «إن كنت مكانك، لكففت عن الحديث.»
فهمت آيريس التلميح وخرجت من المقصورة. كانت هي أيضا ترى أن الوعكة الصحية التي يمر بها القس نكبة كبيرة؛ فهي تراه رجلا غير ذي مبادئ رفيعة فحسب، بل كانت واثقة أيضا أنه يمتلك قدرة على التخيل وعلى التعاطف مع الغير، لكنها مع ذلك لا تستطيع أن تطلب منه المساعدة لأن الطبيعة أقعدته.
بدأت تخشى أنها ستفشل في مسعاها، فاشتد إصرارها على إيجاد الآنسة فروي، فستقع على عاتقها مسئولية ثقيلة إن فشلت.
فمن بين ركاب القطار جميعا، كانت هي الوحيدة التي تشعر بغياب الراكبة المفقودة.
أخافتها فكرة إيقاظ هؤلاء الغرباء الفظين من تبلدهم. أخذ الركاب الآخرون الذين يتزاحمون للمرور من جوارها يرتطمون بها، حينها شعرت أنها تمقتهم جميعا. في خضم إنهاكها، لم تدرك أن أولئك الأشخاص ربما سيشعرون بالأمر نفسه إن وجدوا أنفسهم فجأة داخل قطار أنفاق مزدحم بلندن أو نيويورك، يزاحمهم بالمناكب غرباء غير عابئين.
عندما بلغت الجزء المحجوز من القطار، كانت الستائر لا تزال مسدلة على نافذة الزوجين تودهانتر، لكنها لمحت الأختين فلود-بورتر داخل إحدى المقصورات الخاصة. كانتا تجلسان على جانبي المقصورة الصغيرة وقد بسطت كل منهما ساقيها على مقعدها. كانت الأخت الأكبر سنا ترتدي نظارة ذات إطار قرني، وتطالع أحد كتب مطبعة «توشنيتز»، بينما كانت الآنسة روز تدخن سيجارة.
Halaman tidak diketahui