كان مرورها يبدو جليا خارج النافذة؛ إذ أظلمت السماء الملبدة بالغيوم أكثر، وبدأت بوادر رقع السديم تتجمع في أرجاء الحقول الخضراء الزاهية. وبدلا من أزهار الزعفران، رأت نوعا من الكمأة أو الفطر الشاحب المنبثق من الأرض.
تسللت إليها كآبة ضوء الغسق، فبدأت تشتاق إلى الرفقة. كانت تريد أن تسمع أصواتا وضحكات وترى أضواء مبهجة؛ لكن مع أنها كانت تشعر بشيء من الحنين لزمرتها، فإنها كانت تشتاق أكثر لرؤية وجه الآنسة فروي الصغير الذي تملؤه الخطوط وسماع صوتها العالي المندفع.
والآن وقد رحلت، بدت لها مبهمة كحلم. لم تستطع آيريس أن تستحضر في ذهنها صورة واضحة لها، ولم تفهم لم تركت ذلك الفراغ.
تساءلت: «ترى كيف كانت؟»
صادف أن نظرت في تلك اللحظة إلى رف الحقائب. لدهشتها، رأت أن حقيبة الآنسة فروي لم تعد موجودة.
رغم المنطق، بدأت أعصابها تختلج لذلك التطور الجديد؛ فبينما كانت تقنع نفسها أنه من الواضح أن الآنسة فروي انتقلت لمقصورة أخرى، لم تكن الملابسات تشير إلى ذلك. فبداية، القطار مكتظ للغاية، وسيكون من الصعب أن تجد مكانا شاغرا غير محجوز.
على الجانب الآخر، ذكرت الآنسة فروي شيئا حول حدوث لبس حول مقعدها. كان يحتمل أن يكون قد اتضح لها في نهاية المطاف أنه متوفر.
قالت آيريس بحسم: «كلا، لقد دفعت البارونة بالفعل فرق الثمن كي تسافر على الدرجة الأولى، وأنا واثقة من أنها لن تتركني دون أي توضيح؛ فقد قالت إنها ستحضر لي وجبة العشاء، كما أني أدين لها بثمن الشاي. ببساطة يجب أن أجدها.»
نظرت إلى الركاب الآخرين، الذين ربما يحملون مفتاح ذلك اللغز. كانت الآن مشتتة الذهن لدرجة أنها لم تعد تعبأ بالمظاهر، وبذلت محاولة في التواصل معهم. كانت تشعر أن كلمة «إنجليزية» هي الكلمة التي ستنير عتمتهم.
فسألت بالألمانية: “Wo ist die dame English?”
Halaman tidak diketahui