كان هذان الحبيبان يحظيان باحترام الجميع حتى جماعة أصدقائها؛ لتحفظهما الشديد ومظهرهما البهي. كان الزوج طويلا ووسيما، وله مشية مهيبة، وصوت واثق، وكان يرفع رأسه لزاوية توحي بالفخر الزائد. كان النوادل يهرعون إليه عندما يومئ برأسه، وكان صاحب الفندق يخاطبه بلقب «سيدي» على الأرجح استنادا إلى تأجيره غرفة جلوس خاصة.
أما الزوجة فكانت تقترب منه في الطول، وكانت صاحبة قوام ممشوق ووجه لا تشوبه شائبة. كانت ترتدي ثيابا جميلة لا تناسب البرية على الإطلاق، لكن كان من الواضح أنها ترتديها بحكم العادة، وإرضاء لزوجها دون سواه.
كان لهما معاييرهما الخاصة، وكانا يتجاهلان النزلاء الآخرين، الذين سلموا بأنهما ينتميان إلى طبقة اجتماعية أعلى. كان يعتقد أن اسم «تودهانتر» المدون بسجل الفندق هو اسم مستعار استخدماه لإخفاء هويتهما الحقيقية.
مرا من أمام آيريس دون أن يلحظاها تقريبا. رفع الرجل قبعته بشرود، لكن لم يبد من نظرته أنه عرفها. أما زوجته فلم ترفع عينيها البنفسجيتين عن المسار الحجري؛ فقد كانت ترتدي حذاء ذا كعب عال.
كانت تتحدث بصوت خافت، لكنه مع خفوته حمل نبرة حادة. «لا يا عزيزي. لن أبقى يوما آخر، حتى إن كان من أجلك أنت. لقد مكثنا لوقت ...»
لم تسمع آيريس باقي العبارة. تأهبت للحاق بهما من مسافة بعيدة؛ إذ شعرت بخجل شديد من مظهرها المنهك.
أعاد إليها وصول العروسين شعورها بالقيمة؛ إذ كان وجودهما دليلا على أن الفندق ليس ببعيد، فهما لا يسيران قط لمسافات طويلة. تلك المعلومة جعلت الجبال تنكمش إلى حجمها بالصور، بينما عادت هي من شخص تائه إلى فتاة لندنية تعنى عناية شديدة بقصة سروالها القصيرة.
خلال وقت قصير تعرفت على الضريح الأصلي الذي تركت عنده المسار. نزلت في المسار بخطوات عرجاء، وعلى الفور لمحت التماعة البحيرة القاتمة وأضواء الفندق تتوهج من وراء صفحتها الخضراء القاتمة.
بدأت تفكر مرة أخرى في الحمام الدافئ والعشاء عندما تذكرت أنها مرهقة وجائعة.
كان واضحا أنه لم يتبق سوى الآثار الجسدية لمغامرتها، لكن حس الأمان لديها تلقى ضربة، في واقع الأمر، وكأن مغامرتها تلك كانت خطرا قادما من المستقبل ليكشف لها عن هول شعور العجز بعيدا عن كل ما هو مألوف.
Halaman tidak diketahui