نظرت باستهزاء إلى شواهد القبور، ثم خرجت من الغرفة بخطى ثقيلة ونزلت الدرج بحثا عن زوجها.
على غير العادة، وجدته في الردهة جالسا في الظلام.
سألته: «لم لم تشعل المصباح أيها الكسول؟» «سأفعل حالا.» كان صوت السيد فروي باهتا على نحو غير معتاد. «لقد كنت أفكر طويلا. تلك عادة سيئة. غريب أن وينسوم سافرت مرات عديدة، لكن تلك هي المرة الأولى التي أتخوف فيها على سلامتها. تلك القطارات التي تقطع أوروبا، أظن أني بدأت أشيخ، وأشعر أن الأرض تجذبني إليها.»
تسارع قلبها فجأة وهي تصغي له. إذن، فقد تلقى هو أيضا التحذير الخفي.
دون أن تتكلم، أشعلت عود ثقاب، وأشعلت به فتيل المصباح وأنارته، ثم وضعت عليه مدخنته. بينما كانت تنتظر أن يدفأ الزجاج، نظرت إلى وجه زوجها الذي كان ظاهرا في الوهج الخافت.
بدا وجهه أبيض شاحبا بارز العظام، كوجه رجل يفترض أن يأوي إلى فراش في ركن مبتل أسفل نافذتها لا رجل يفترض أن يشاركها فراشها الوثير.
فجر مظهره غضب تلك السيدة القويمة الكارهة للكآبة.
قالت له موبخة: «لا أريد أن أسمع منك ذلك الكلام مرة أخرى. أنت لا تقل سوءا عن السيدة بارسونز؛ فهي تبلغ من العمر ستة وستين عاما فقط، ومع ذلك عندما كنا عائدين من البلدة في تلك المرة الأخيرة، تذمرت من أن الحافلة ممتلئة وأنها مضطرة للوقوف. قلت لها: «يا عزيزتي، لا تدعي الجميع يعرف أنك لست معتادة على الدعة.» ثم قلت لها: «خذي مقعدي؛ فأنا صغيرة السن».»
سألها السيد فروي بامتنان: «وهل ضحك ركاب الحافلة؟»
زال شحوب وجهه في دائرة ضوء المصباح الخافت. قبل أن تجيبه زوجته حلت حبال الستائر، وسحبت ستائر النافذة تغلقها، حاجبة ضوء الشفق الكئيب.
Halaman tidak diketahui