نظر إليها الطبيب نظرة مهنية متفحصة رصدت جميع أمارات القلق البادية عليها. أحنى رأسه في تحية رسمية ثم مضى في طريقه، واستطاعت هي أن تعود إلى المقصورة الخاوية بعد أن ظلت تتخبط وتتأرجح في الممرات.
ما إن جلست في مقعدها، بعد أن نظرت لا إراديا إلى الموضع الخاوي الذي كانت تجلس به الآنسة فروي، حتى دلف هير إلى المقصورة مسرعا.
وسألها: «هل ستأتين إلى جولة العشاء الأولى؟ انتبهي؛ فالجولة الثانية لا يقدم بها سوى بقايا الطعام.»
أجابته قائلة: «كلا، فالنادل سيحضر لي حساء إلى هنا؛ فقد خضت عراكا خشنا ولا أطيق حرارة الجو.»
راقبها وهي تمسح جبينها المتعرق. «يا إلهي! أنت تبدين منهكة تماما. دعيني أحجز لك مقعدا. كلا؟ حسنا إذن، لقد تعرضت لتوي لتجربة مثيرة. وأنا في طريقي إلى هنا، أمسكت بكمي يد مرتعشة لامرأة، وهمست لي امرأة بصوت مثير للشفقة: «هلا أسديت لي معروفا؟» التفت فإذا بي أتطلع إلى عيني زوجة القس الجميلتين. ولا داعي لأن أقول إني تعهدت بخدمة السيدة الواقعة في مأزق.»
سألت آيريس: «هل طلبت منك إحضار قربة ماء ساخن لزوجها؟» «كلا، بل طلبت مني إرسال برقية نيابة عنها فور أن نصل إلى ترييستي. وهنا يأتي الجانب الشائق؛ فقط طلبت ألا أخبر زوجها أو أدعه يشك في أي شيء. وبعدها، لا يمكنني أن أشير إلى الرسالة تلميحا.»
سألته آيريس بضجر: «ومن يهمه ذلك؟» «أنا آسف. أرى أنك منهكة تماما. لن أزعجك أكثر من ذلك. أراك لاحقا.»
ما كاد هير يغادر المقصورة حتى أطل برأسه مرة أخرى من الباب.
وقال لها: «لم أر ملاك رحمة أقبح من تلك الجالسة في العربة المجاورة، لكن ما جاء بي حقا هو ذلك: هل تعرفين من يكون جابريال؟» «واحد من رؤساء الملائكة.» «حسنا، يبدو أنك لا تعرفين.»
عندما مر الوقت ولم يأتها النادل بالحساء الذي طلبته، فاستنتجت أنه نسي طلبها بسبب انشغاله الشديد، لكنها كانت مرهقة للغاية فلم تبال، فلم يعنها سوى عقارب ساعة يدها التي تقربها في كل لحظة إلى ترييستي.
Halaman tidak diketahui