الرابع: ثم من بعد هؤلاء الفقهاء والعلماء الذين يمنعون الخروج عليهم ويحرمونه، ويأمرون العامة بطاعتهم وخدمتهم على هذا ويتعاضدون معهم على هذا العاجل، فهؤلاء الذين قال فيهم رسول الله عليه السلام: »لعن الله الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ولو بمدة قلم« (¬1) وفيهم يقول أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمه: ولا/ أرى مؤذنهم ينجو (¬2) . وفي مثله قال سفيان الثوري وقد سئل عن رجل يخيط الثياب الرفيعة ولا يلبسها إلا هؤلاء الجبابرة. فقال الرجل لسفيان: أترى أني من أعوان أعوان الظالمين قال: بل أنت من أعوان الظالمين. وإنما أعوان أعوانهم الذي يصنع لك الإبر لخياطة هذا الثوب.
وأما الأمور الأربعة التي يتولاها لهم:
فأولها: الجهاد والغزو في سبيل الله، وقد تقدم القول بما فيه كفاية. وسائغ الجهاد والغزو. وانما (¬3) ولاية الجيش لمن احتمل ثلاثة شروط فلا بأس.
الأول: أن يكون معلوم المذهب فيهم بأنهم عنده جبابرة وأنهم ليسوا على حق. ويكون معروفا بذلك عند الناس.
والثاني: أن يحكم بما أنزل الله في جميع ما وليه من ذلك، ولا يطيعهم في شيء من معصية الله/تعالى.
الثالث: أن تكون الحاجة ماسة كالذي يروى عن الحكم بن عبدال (¬4) له، وقد أرسل إليه الحجاج بن يوسف وهو على جيوش من خراسان وقال له: إن أمير المؤمنين الوليد بن عبدالملك يأمرك ويقول لك أن تحتفظ بجميع الغنائم التي غنمتموها هذه السنة ولا تقسمها فإن أمير المؤمنين قد اصطفاها فأرسل للجاج جواب كتابه فقال: "جاءني كتاب رب العالمين قبل كتاب أمير المؤمنين فقسمتها على السهام". ثم قال: اللهم لا تؤخرني بعدها
Halaman 318