62

Dara Quraysh

عذراء قريش

Genre-genre

وكان محمد قد خامر سروره قلق لما قام في ذهنه من ميل الحسن إلى أسماء، فلما انفض الجمع ورأى الحسن مع أبيه والناس حوله يهنئونه، أشار إلى أسماء فتبعته وقد أدركت ما في ضميره، وأحست ما في نفس الحسن وقد استملحته ولكنها بقيت على حب محمد وهو أول من طرق قلبها، فلما دعاها سارت في أثره وهي تتجاهل مراده حتى وصلا إلى بيت العجوز.

فلما خلا بأسماء نظر إليها نظرة لم يخف مغزاها عليها، فابتدرته قائلة: «أرى المدينة غاصة بالناس وقد شغلوا بخليفتهم فلم يعد يطيب المقام فيها.»

فأعجب محمد بحسن فراستها ورقة إحساسها، ولكنه خاف أن تكون مضمرة غير ما تظهر فقال: «وما الذي بغض إليك الإقامة بالمدينة؟» قالت: «بغضها إلي ما حبب محمد إلي.»

قال: «وكيف تتركين عليا وأهله؟» قالت: «ما لي ولأهله؟»

قال: «ألا ترين أن أمامة تفتقدك؟» قالت: «أظنها تفتقدني وقد يفتقدني غيرها، ولكنني لا أبالي أحدا.»

فأدرك أنها عرفت نيته فقال: «لقد تم الأمر لعلي فهو اليوم أمير المؤمنين، وقد استقام لنا الأمر وسأنظر ما يكون من تبديل عماله على الأمصار، ونتدبر ذلك في حينه. أما الآن فأرى أن تقيمي عند أختي عائشة أم المؤمنين.»

وكانت أسماء قد علمت منه أنها سارت إلى مكة لقضاء مناسك الحج عندما كان عثمان محاصرا ولم تسمع أنها عادت، فقالت: «هل عادت أم المؤمنين من مكة؟»

قال: «لم تعد بعد، وقد قتل عثمان وتولى علي وهي غائبة، وقد تقيم هناك حقبة أخرى.» قال ذلك وهو يعلم أن مجيئها قريب، ولكنه خشي إن هو أعلم أسماء بذلك ألا تعود ثمة حاجة في خروجها من المدينة، فتضطر إلى أن تقيم ببيت علي وتأبى عليه غيرته ذلك.

قالت أسماء : «هل أذهب إليها؟»

قال: «أرى أن تذهبي فتقيمي عندها وتشاهدي بيت الله الحرام ومشاهدة مكة، فإذا عادت أختي عدت معها، وإذا أقامت طويلا ذهبت أنا لاستقدامك ونكون قد عرفنا مصيرنا.»

Halaman tidak diketahui