Kejeniusan Imam Ali
عبقرية الإمام علي
Genre-genre
فمهما يختلف الرواة في تأويل الأحاديث، فالذي يسعك أن تجزم به من وراء اختلافهم، أن عليا كان من أحب الناس إلى النبي، إن لم يكن أحبهم إليه على الإطلاق ...
لقد كان النبي - عليه السلام - يغمر بالحب كل من أحاط به من الغرباء والأقربين ... فأي عجب أن يخص بالحب من بينهم إنسانا، كان ابن عمه الذي كفله وحماه، وكان ربيبه الذي أوشك أن يتبناه، وكان زوج ابنته العزيزة عنده، وكان بديله في الفراش ليلة الهجرة التي هم المشركون فيها بقتل من يبيت في فراشه، وكان نصيره الذي أبلى أحسن البلاء في جميع غزواته، وتلميذه الذي علم من فقه الدين ما لم يعلمه ناشئ في سنه؟ ...
حب النبي لهذا الإنسان حقيقة لا حاجة بها إلى تأويل الرواة ولا إلى تفسير النصوص؛ لأنها حقيقة طبيعية، أو حقيقة بديهية قائمة من وراء كل خلاف ...
ومما لا خلاف فيه كذلك، أنه - عليه السلام - كان لا يكتفي بحبه إياه ... بل كان يسره ويرضيه أن يحببه إلى الناس، وكان يسوءه ويغضبه أن يسمع من يكرهه ويجفوه ...
بعث رسول الله عليا في سرية ليقبض الخمس، فاصطفى منه سبية، واتفق أربعة من شهود السرية أن يبلغوا ذلك إلى رسول الله، وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا بالرسول، فسلموا عليه وأبلغوه ما عندهم، ثم انصرفوا إلى رحالهم ... فقام أحد الأربعة وحدث الرسول بما رأى فأعرض عنه، وظن أصحابه أنه لم يسمعه ... فتناوبوا الحديث واحدا بعد واحد في معنى كلامه، فلما فرغ الرابع من حديثه أقبل عليه رسول الله وقد تغير وجهه فقال: «ما تريدون من علي؟ ... ما تريدون من علي؟ ... ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.» وقال لأحدهم في روايات أخرى: «أتبغض عليا؟» قال: «نعم!» قال: «لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك، أي: أكثر من السبية التي اصطفاها ... لا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حبا.» •••
وبعث رسول الله عليا إلى اليمن، فسأله جماعة من أتباعه أن يركبهم إبل الصدقة ليريحوا إبلهم، فأبى ... فشكوه إلى رسول الله بعد رجعتهم، وتولى شكايته سعد بن مالك بن الشهيد، فقال: «يا رسول الله ... لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق ...» ومضى يعدد ما لقيه، حتى إذا كان في وسط كلامه ضرب رسول الله على فخذه، وهتف به: «يا سعد بن مالك بن الشهيد، بعض قولك لأخيك علي؟ فوالله لقد علمت أنه جيش في سبيل الله.»
وشكا بعض الناس مثل هذه الشكوى، فقام رسول الله فيهم خطيبا يقول لهم: «أيها الناس ... لا تشكوا عليا، فوالله إنه لجيش في ذات الله.»
ويلوح لنا أن النبي - عليه السلام - كان يحب عليا ويحببه إلى الناس؛ ليمهد له سبيل الخلافة في وقت من الأوقات، ولكن على أن يختاره الناس طواعية وحبا ... لا أن يكون اختياره من حقوق العصبية الهاشمية، فإنه - عليه السلام - قد اتقى هذه العصبية جهد اتقائه، ولم يحذر خطرا على الدين أشد من حذره أن يحسبها الناس سبيلا إلى الملك والدولة في بني هاشم، وقد حرم نفسه الشريفة حظوظ الدنيا وأقصى معظم بني هاشم عن الولاية والعمالة؛ لينفي هذه الظنة ... ويدع الحكم للناس يختارون من يرضونه له بالرأي والمشيئة.
فالتزم في التمهيد لعلي وسائل ملموحة لا تتعدى التدريب والكفالة إلى التقديم والوكالة، أرسله في سرية إلى فدك لغزو قبيلة بني سعد اليهودية، وأرسله إلى اليمن للدعوة إلى الإسلام، وأرسله إلى منى ليقرأ على الناس سورة براءة، ويبين لهم حكم الدين في حج المشركين وزيارة بيت الله، وأقامه على المدينة حين خرج المسلمون إلى غزوة تبوك ... ولم يفته مع هذا كله أن يلمح الجفوة بينه وبين الناس، وأن يكله إلى السن تعمل عملها مع الأيام، ويكلهم في شأنه إلى ما ارتضوه، عسى أن تسنح الفرصة لمزيد من الألفة بينهم وبينه.
هذه فيما نعتقد أصح علاقة يتخيلها العقل، وتنبئ عنها الحوادث بين النبي وابن عمه العظيم ... •••
Halaman tidak diketahui