Kejeniusan Imam Ali
عبقرية الإمام علي
Genre-genre
وإذا كان هذا موقف علي ومعاوية عند مقتل عثمان، فماذا كان علي مستفيدا من إقراره في عمله وتعريض نفسه لغضب أنصاره ...
لقد كان معاوية أحرى أن يستفيد بهذا من علي؛ لأنه كان يغنم به حسن الشهادة له وتزكية عمله في الولاية، وكان يغنم به أن يفسد الأمر على علي بين أنصاره، فتعلو حجته من حيث تسقط حجة الإمام ...
وأصدق ما يقال بعد عرض الموقف على هذا الوجه من ناحيتيه: أن صواب الإمام في مسألة معاوية كان أرجح من صواب مخالفيه ... فإن لم نؤمن بهذا على التقدير والترجيح، فأقل ما يقال: إن الصواب عنده وعندهم سواء ...
والتقدير في مسألة طلحة والزبير أيسر من التقدير في مسألة معاوية وولاية عثمان على الأمصار: لأن الرأي الذي عمل به الإمام معروف، والآراء التي تخالفه لا تعدو واحدا من ثلاثة: كلها أغمض عاقبة، وأقل سلامة، وأضعف ضمانا من رأيه الذي ارتضاه ...
فالرأي الأول أن يوليهما العراق واليمن أو البصرة والكوفة، وكان عبد الله بن عباس على هذا الرأي، فأنكره الإمام؛ لأن «العراقين بهما الرجال والأموال، ومتى تملكا رقاب الناس يستميلان السفيه بالطمع ويضربان الضعيف بالبلاء، ويقويان على القوي بالسلطان ...» ثم ينقلبان عليه أقوى مما كانا بغير ولاية، وقد استفادا من إقامة الإمام لهما في الولاية تزكية يلزمانه بها الحجة، ويثيران بها أنصاره عليه. •••
والرأي الثاني أن يوقع بينهما ليفترقا ولا يتفقا على عمل، وهو لا ينجح في الوقيعة بينهما إلا بإعطاء أحدهما وحرمان الآخر ... فمن أعطاه لا يضمن انقلابه مع الغرة السانحة، ومن حرمه لا يأمن أن يهرب إلى الأثرة كما هرب غيره، فيذهب إلى الشام ليساوم معاوية، أو يبقى في المدينة على ضغينة مستورة ...
على أنهما لم يكونا قط متفقين حتى في مسيرهما من مكة إلى البصرة، فوقع الخلاف في عسكرهما على من يصلي بالناس، ولولا سعي السيدة عائشة بالتوفيق بين المختلفين لافترقا من الطريق خصمين متنافسين ...
ولم تطل المحنة بهما متفقين أو مختلفين، فانهزما بعد أيام قليلة، وخرج الإمام من حربهما أقوى وأمنع مما كان قبل هذه الفتنة، ولو بقيا على السلم المدخول لما انتفع بهما بعض انتفاعه بهذه الهزيمة العاجلة، والرأي الثالث أن يعتقلهما أسيرين، ولا يبيح لهما الخروج من المدينة إلى مكة حين سألاه الإذن بالمسير إليها، ثم خرجا منها إلى البصرة ليشنا الغارة عليه ...
والواقع أن الإمام قد استراب بما نوياه حين سألاه الإذن بالسفر إلى مكة ... فقال لهما: «ما العمرة تريدان، وإنما تريدان الغدرة!»
ولكنه لم يحبسهما؛ لأن حبسهما لن يغنيه عن حبس غيرهما من المشكوك فيهم، وقد تركه عبد الله بن عمر ولم يستأذنه في السفر، وتسلل إلى الشام أناس من مكة ومن المدينة، ولا عائق لهم أن يتسللوا حيث شاءوا، ولو أنه حبسهم جميعا لما تسنى له ذلك بغير سلطان قاهر، وهو في ابتداء حكمه لما يظفر بشيء من ذلك السلطان، وأغلب الظن أن سواد الناس كانوا يعطفون عليهم، وينقمون حبسهم قبل أن تثبت له البينة بوزرهم، وما أكثر المتحرجين في عسكر الإمام من حبس الأبرياء بغير برهان؟ ... لقد كان هؤلاء خلقاء أن ينصروهم عليه، وقد كانوا ينصرونه عليهم، وخير له مع طلحة والزبير وأمثالهما أن يعلنوا عصيانهم، فيغلبهم من أن يكتموه فيغلبوه ويشككوا بعض أنصاره في عدله وحسن مجاملته لهم. •••
Halaman tidak diketahui