وإن أضعف الناس رأيا لمن يستضعف فضل الأمير في عمل تولاه لأنه عمله بمشاورة غيره.
فإن باب المشاورة مفتوح لكل إنسان، وليس كل إنسان مع ذلك بالذي يريد أن يستشير، أو الذي يعرف كيف يستشير إذا أراد، أو بالذي يحسن الموازنة بين الآراء إن عرف من يستشيرهم، ومن يقبل مشورتهم في حالة، ويرفضها في حالة أخرى.
إن المشاورة لفن عسير.
وإن الذي ينتفع بمشورة غيره لأقدر ممن يشير عليه.
وقد كان عمر عبقري هذا الفن الذي لا يجارى، وكان من بدعه الملهمة في هذا الفن العسير أنه لم يلتمس الرأي عند أهل الحنكة والخبرة وكفى، بل كان يلتمسه كذلك عند أهل الحدة والنشاط ممن يناقضون أولئك في الشعور والتفكير، فكان كما روى يوسف بن الماجشون: «إذا أعياه الأمر المعضل دعا الأحداث فاستشارهم لحدة عقولهم.» وإنه لإلهام في فن الاستشارة، لا يلهمه إلا صاحب رأي أصيل، فمن الرأي الأصيل أن يخبر
5
الإنسان كيف يستعير آراء المشيرين.
انظر إليه كيف يستشير في اختيار أمير تعلم أن الاستشارة - كما قلنا - فن ، وأنه فن عسير.
قال لأصحابه: دلوني على رجل أستعمله.
فسألوه: ما شرطك فيه؟
Halaman tidak diketahui