106

وصارح القوم فيما لا يحصى من الخطب والأحاديث أن له عليهم حق الطاعة فيما أمر الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن لهم عليه حق النصيحة ولو آذوه فيها. ومن ذلك الرواية المشهورة التي سأل الناس فيها أن يدلوه على عوجه، فقال له أحدهم: «والله لو علمنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا.» فحمد الله أن جعل في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بسيفه.

ولم يكن يبيح من مال المسلمين أجرا لعمله، إلا ما يقيم أوده

26

وأود أهله عند الحاجة إليه، فإن رزقه الله ما يغنيه عن بيت المال، كف يده عنه: «... ألا وإني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، تقرم

27

البهيمة الأعرابية: القضم لا الخضم.» أي كما تأكل ماشية البادية قضما بأطراف أسنانها لا مضغا وطحنا بأضراسها.

ولما سئل عما يحل للخليفة من مال الله، قال: «إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتان: حلة للشتاء وحلة للصيف، وما أحج به وأعتمر

28

وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد رجل من المسلمين.»

وقد كان أسخى من ذاك في تقديره لأرزاق الولاة والعمال، فقدر لعمار بن ياسر حين ولاه الكوفة ستمائة درهم في الشهر له ولمساعديه، يزاد عليها عطاؤه الذي يوزع عليه كما توزع الأعطية على أمثاله، ونصف شاة ونصف جريب

Halaman tidak diketahui