Genius Pembaikan dan Pendidikan: Imam Muhammad Abduh
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
Genre-genre
ومنها - ولعله يجمعها بحذافيرها - سلطان ولي الأمر؛ إذ أدرك بعد حين أن الإصلاح قد فوت عليه سلطانه وفوت عليه الغنيمة التي يجنيها لنفسه ويغدق منها الأجور على خدامه وحواشيه. •••
ونقول إن مناوأة الأمير لحركة الإصلاح الأزهرية تجمع تلك الموانع والعراقيل بحذافيرها، اعتبارا بما عهدناه من أساليب الأمراء والملوك في اضطهاد المصلحين من رعاياهم كلما وقع الصدام بين أرباب التيجان ودعاة الإصلاح منذ أقدم العصور، فإن الملوك والأمراء الذين يضيقون ذرعا بدعوات الإصلاح قد جرت عادتهم قديما باستفزاز رعاياهم واستثارة الجهلاء والمغرضين على قادة الرأي فيهم، لمداراة سلطتهم وإخفاء مكيدتهم وتمويه سياستهم على الناس، كي يتقبلوها منهم كأنها استجابة لرجائهم وتلبية لمطالبهم وغيرة على عقائدهم وشعائرهم، فيحمدهم الناس على شرورهم وهم أحرى أن يضاعفوا لهم المقت بما أصابوا من أفهامهم وعقائدهم فوق مصابهم في المصالح والأرزاق. وقد كان الملوك والأمراء يخدعون شعوبهم هذه الخديعة وهم وحدهم في بلادهم منفردون بسلطة الحكم وجاه الولاية، فأما الخديو عباس الثاني فقد كانت معه سلطة أخرى في بلاده أقوى منه وأقدر على كبحه والحد من مآربه وأطماعه، فكانت حاجته إلى استثارة الجهلاء باسم الدين تزيد على حاجة أسلافه من أهل بيته، وحاجة الأسبقين من زملائه في أساليب الاضطهاد، وقد أسف غاية الإسفاف، وتبذل غاية التبذل، فلم يدع وسيلة يدرك بها مأربه لم يتوسل بها غير مبال بما يعقبها من الأثر على سمعته وسمعة وطنه، بل على سمعة دينه البريء مما يفتريه عليه وعلى أهله، ولم يتورع - وهو أمير البلاد - عن التحريض على إثارة الشغب بين طلاب الأزهر وخدمته وعماله، ولا عن تسخير الصحف التي تتجر بنهش الأعراض والمساومة على الفضائح والوشايات للافتراء على مخالفيه، وهم أعلم الناس بنزاهتهم عما يدعيه. وخلع نقاب الحياء فلم يتورع عن اتهام الإسلام والمسلمين بكراهة العلم الحديث وتصوير العلوم التي أدخلها المفتي إلى الأزهر في صورة الجناية على الدين، ولم يبال أن يعلنها حربا دينية بين الكفر والإسلام؛ إذ تأتى له بذلك أن يقصي الشيخ محمد عبده وكبار الموظفين من أعوانه عن إدارة الأزهر كما يقصيهم عن الإفتاء وديوان الأوقاف، بل تطوع بالوقوف تحت العلم البريطاني لاستعراض جيش الاحتلال، لعله يضمن بذلك أن يكف يد العميد البريطاني عن معارضته فيما يتعلق من تلك المسألة بالميزانية ونظام الدواوين! •••
ومن البديهي أن الخديو قد عول على الدسيسة الخفية في تدبير هذه الحملة الواسعة على المفتي وأعوانه بمجلس الإدارة ومجلس الأوقاف الأعلى، ولكن الدسيسة التي يتآمر عليها عشرات من المغرضين والجامدين والمأجورين لا تكتم عن الناس في أوانها، وإن جازت فيها المغالطة أو المكابرة بين أنصارها وخصومها، إلا أن التاريخ قد ينفض يديه من دسائس هذه الفترة جميعا ولا يحتفظ بشيء من أخبارها غير مراسيم الخديو وخطبه المنشورة التي ألقاها في قصره، ولا حاجة بالمؤرخ إلى بيان للدسيسة كلها أوضح من بيانها، فإنها ناطقة بدعواها الظاهرة عن مكيدتها الخفية، ودعواها الظاهرة أن تدريس العلوم الحديثة في الجامعة الأزهرية خطر على الإسلام، وأن المفتي وأعوانه قد أبعدوا من مناصبهم؛ لأنهم يصرون على تدريس تلك العلوم.
قال الخديو في الاحتفال بخلع الكسوة على الشيخ عبد الرحمن الشربيني شيخ الجامع الجديد:
إن الجامع الأزهر قد أسس وشيد على أن يكون مدرسة دينية إسلامية تنشر علوم الدين الحنيفي في مصر وجميع الأقطار الإسلامية ... وأول شيء أطلبه أنا وحكومتي أن يكون الهدوء سائدا في الأزهر الشريف والشغب بعيدا عنه، فلا يشتغل علماؤه وطلبته إلا بتلقي العلوم الدينية النافعة البعيدة عن زيغ العقائد وشغب الأفكار؛ لأنه هو مدرسة دينية قبل كل شيء.
وقد صدرت المراسيم بعد خروج الشيخ محمد عبده باختيار شيخين من الحزب القديم لأكبر المناصب الدينية، وهما منصب الإفتاء ومنصب مشيخة الأزهر، فعين الشيخ عبد القادر الرافعي مفتيا للديار، وعين الشيخ عبد الرحمن الشربيني شيخا للجامع الأزهر. فأما المفتي فقد توفي على إثر تعيينه، فلم يؤثر عنه عمل ولا قول في برنامج التعليم الذي يرتضيه رجال العهد الجديد، وأما شيخ الجامع الأزهر فقد صرح برأيه في حديث نشرته صحيفة الجوائب المصرية (13 مارس سنة 1905)، فقال عن رأيه في الغرض من إنشاء الأزهر:
إن غرض السلف من تأسيس الأزهر إقامة بيت لله يعبد فيه ويؤخذ فيه شرعه، ويؤخذ الدين كما تركه لنا الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم، وأما الخدمة التي قام بها الأزهر للدين ولا يزال يؤديها فهي حفظ الدين لا غير، وما سوى ذلك من أمور الدنيا وعلوم الأعصر، فلا علاقة للأزهر به ولا ينبغي له.
ثم قال عن إصلاح التعليم:
إن الذي حدث من شأنه أن يهدم معالم التعليم الديني فيه، ويحول هذا المسجد العظيم إلى مدرسة فلسفة وآداب تحارب الدين وتطفئ نوره في هذا البلد وغيره من البلاد الإسلامية ... وإني أسمع منذ سنوات بشيء يسمونه حركة في الأزهر، ولكني لم أر لهذه الحركة وهذا الإصلاح من نتيجة تذكر سوى انتشار الفوضى في ربوعه.
ثم قرن بين حركة الإصلاح والسياسة فقال:
Halaman tidak diketahui