Genius Pembaikan dan Pendidikan: Imam Muhammad Abduh
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
Genre-genre
ولا تتسع هذه المناسبة لأكثر من الإشارة إلى عناوين بعض المقالات التي نشرها للناس باسم الوقائع الرسمية، ومنها مقال في انتقاد التعليم بوزارة المعارف، ومقال عن التربية في المدارس والمكاتب الأميرية، ومقال في الحملة على الرشوة، ومقال في الإنحاء على البدع التي تصدر من نظارة الأوقاف، ومقال عن تأثير التعليم في العقيدة، ومقال عن الشورى، وآخر عن اختلاف القوانين باختلاف الأمم، وآخر عن الملكات والعادات، وآخر عن تعدد الزوجات، وآخر عن إسراف الفلاح وضرر الديون وغيرها قرابة أربعين مقالا، أو أربعين درسا، في أمثال الشئون القومية التي يتجه فيها الخطاب إلى الأمة والحكومة، وتلام فيها كلتاهما بمقدار حقها من الملام.
ولم يهمل شأن الأزهر وهو يتكلم عن إصلاح التعليم ويتصل برئيس الوزارة بحكم وظيفته في الصحيفة الرسمية، فكل ما عملته الوزارة الرياضية من أعمال الإصلاح وتنظيم الإدارة بالأزهر، فإنما على علم منه بمشورته وبفضل وساطته بين الحكومة وعلمائه، ولكن الثورة العرابية شغلت علماء الأزهر يومئذ عن مسائل التعليم والإدارة، وضمت الكثيرين منهم إلى جانب الثائرين في وجه الخديو بعد انضمامه إلى السلطة الأجنبية، وكان الشيخ محمد عبده أحد العلماء الذين كانوا يأخذون العهد والقسم من الثائرين على الإخلاص والأمانة، وجوزي على ذلك بالنفي إلى خارج الديار ثلاث سنوات امتدت إلى سبع سنوات، ولم ينقذه من حكم الموت إلا تلك الصلة القديمة التي سبقت له مع الوزارة الرياضية. •••
وعاد إلى الاتصال بالأزهر على إثر عودته من منفاه، ولكنه حيل بينه وبين الانقطاع للتدريس فيه بإسناد الوظائف المختلفة إليه، وكانت أول مشاركة له في وظائفه تعيينه عضوا بمجلس إدارته (سنة 1894)، ثم تعززت مكانته الرسمية بولايته منصب الإفتاء بعد ذلك بخمس سنوات، وكان وجود مثله عضوا بمجلس الإدارة كافيا لإخراج الفتوى القديمة - فتوى الشيخ الإنبابي - من حيز القول المهمل إلى حيز العمل الفعال، ولكن قيامه على منصب الإفتاء رجع بالفتوى إلى صاحبها، وأغنى العاملين على الإصلاح داخل الأزهر وخارجه عن مهمة التوفيق بين الوعد والإنجاز، وبين النية والتنفيذ. •••
وقد كان في وسع الشيخ محمد عبده وأعوانه الثقات أن ينجزوا في ثلاث سنوات، أو أربع سنوات، ما استغرق إنجازه منهم أكثر من عشر سنين، وهي المدة التي أشرف فيها الشيخ محمد عبده بشخصه على إدارة الأزهر، منذ تعيينه عضوا بمجلس الإدارة إلى استقالته من منصب الإفتاء، ولكنه آثر أن يتمهل اختيارا لتسويغ الانتقال من القديم إلى الجديد في نفوس أنصار القديم المتشبثين ببقائه بين الموافقة باللسان والمراوغة في التنفيذ، واضطر في كثير من الأحيان إلى التمهل اضطرارا لتراجع ولي الأمر - الخديو عباس الثاني وحاشيته - في وعودهم، وعدولهم عن العمل على التغيير الصريح إلى مراوغة كمراوغة الشيوخ الجامدين بين الموافقة اللسانية والتعويق في التنفيذ، ولكن دعاة الإصلاح تمكنوا - مع هذه التعويقات - من إقامة الأسس التي يصعب على المعارضين أن يهدموها بعد إقامتها، وكان عملهم مدى السنين العشر أعظم مما يتسع له هذا الأمد القصير بالقياس إلى القرون المتوالية التي تم تبديلها في خلالها، بعد الشروع فيه والعدول عنه واستمرار الدعوة إليه أعواما إثر أعوام.
ويطول بنا بيان التشريعات والإجراءات الإدارية التي تقضي المراسم الضرورية باستصدارها قبل كل خطوة تخطو في تغيير شيء من القديم واعتماد شيء من الجديد، ولكن المقارنة السريعة بين ما كان عليه الأزهر في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، وما صار إليه في مطلع هذا القرن العشرين هي الأثر العملي المحسوس لجميع تلك التشريعات والإجراءات في حيز التقرير والتنفيذ.
كانت سيئات الإدارة لا تحصى، وكانت حسناتها القليلة تجري - إذا جرت - عفوا على غير نظام.
كان مشايخ الأزهر يوزعون المرتبات والجرايات على غير قاعدة مرعية، حسبما يتجمع عندهم من محاصيل الأوقاف المحبوسة على أتباع المذاهب أو على أبناء الأقاليم، فربما هبطت مكافأة العالم في الشهر إلى ما دون العشرين قرشا أو ارتفعت إلى بضعة جنيهات، ولا ضمان لعودتها في السنة التالية إذا تغير الشيوخ واختلف حساب الأوقاف، واختلف معه حساب توزيعها بين الشيوخ والمقدمين على الأروقة والأقسام.
وكان شأن كساوي التشريفة كشأن المرتبات والجرايات، يختص بها الشيخ الأكبر من يشاء من أبناء مذهبه أو إقليمه أو خاصة أشياعه ومريديه، ولا وجه لمراجعته أو الاحتجاج عليه عند هيئة مسموعة الكلمة في الجامع، أو عند ولاة الأمور من الولاة والوزراء.
ولا ينتظر في مثل هذه الحالة أن يجري عمل المدرسين والطلاب على وتيرة مطردة، أو تجري رقابة التدريس كله على مبدأ معروف، فمن شاء من الأساتذة أو التلاميذ حضر حلقات الدرس، ومن شاء منهم غاب عنها ولم يسأل عن حضوره أو غيابه، وليس للعمل أو للإجازة أو الامتحان موعد مقرر في سنة من السنين، فإذا قيد الطالب اسمه بين مستحقي الجراية أو السكن بأروقة الجامع، فقد يحسب من طلابه إلى أن يتجاوز الستين ولا تنقطع جرايته ما دام من المرضي عنهم بين شيعة صاحب الرواق.
وكانت العلوم الحديثة محرمة لا تدرس ولا يرضى عن طلابها في غير الحلقات الأزهرية، وكانت علوم السلف التي تنسب إلى الفلاسفة أو المعتزلة قرينة بتهمة الكفر والزندقة، ومن اشتغل بها معلما أو متعلما فسبيله أن يعتزل الجماعة خفية ... ولا سلامة له باعتزالهم جهرة على سنة الأقدمين ممن اشتهروا بالاعتزال.
Halaman tidak diketahui