فأشار إليها أن: «اجلسي.»
فجلست بين يديه وقالت: «مالي أرى مولاي قد تغير على جاريته؟»
فقال الناصر: «لم أتغير أنا يا زهراء.»
قالت الزهراء: «ولا أنا يا سيدي. كيف يخطر ببالي التغير وأنا في نعمة لم يحلم بها أحد قبلي؟!»
قال الناصر: «أراك سعيدة في هذه القصور؟»
فابتسمت الزهراء وقالت: «كيف لا أكون سعيدة وأنا مشمولة برضى أمير المؤمنين، رافع لواء الإسلام والمسلمين؟!»
قال الناصر: «لا تكذبي، كم من مرة رأيت مظاهر التعاسة على محياك وسألتك عن علة ذلك فأنكرت؟ أظنني عرفت العلة الآن!» قال ذلك بنغمة الظافر ولسان حاله يقول: «كشفت سرك.»
فلما أشار إلى انقباضها أجفلت وأخذ الانقباض يغالبها وهي تبتسم وقالت: «لا تخلو حياة الإنسان من أسباب قهرية للانقباض حتى لا يكون أهل الأرض مثل أهل السماء، فلولا هذ الانقباض القليل الذي يتولاني في بعض الأحايين لكنت أحسبني في الفردوس.»
فأعجبه تخلصها بهذا الإطراء، ولكنه لم يقتنع فقال: «نعم، ولكن أحب أن أعرف سبب ذلك الانقباض! ما هو سبب انقباضك الفجائي أحيانا وأنت جالسة إلي ونحن في طرب وغناء؟»
فتنهدت رغم إرادتها وقالت: «يندر أن يحدث ذلك، ولا أذكر سببه.»
Halaman tidak diketahui