أخاف التواء الأمر بعد استوائه
وأن ينقض الحبل الذي كان أبرما
وعاد فرجع إلى رشده وأعمل فكرته في حقيقة الواقع، فغلب عليه الخوف من جعفر لما يعلمه من كثرة مريديه وأنصاره، وفيهم جماعة كبيرة من خيرة رجال الدولة، حتى بني هاشم ممن غمرهم بعطاياه، وأسرهم بأفضاله، فكانت هذه الهواجس تتردد في مخيلته وهو يمشي في الإيوان، ويداه وراء ظهره. واتفق وهو في ذلك أن وقف أمام الستار، فقرأ عليه بيتين مطرزين بالقصب هذا نصهما:
وإياك والأمر الذي إن توسعت
موارده ضاقت عليك المصادر
فما حسن أن يعذر المرء نفسه
وليس له من سائر الناس عاذر
فلما قرأهما أمسك نفسه وعاد إلى صوابه، ونظر إلى البطاقة التي في يده وقال: «لعل الذي كتب هذه الأبيات من حساد جعفر، وهم كثيرون، وإني على أي حال صابر له أترقب الفرصة للاطلاع على الحقيقة.»
الفصل الثالث والأربعون
باب الرشيد
Halaman tidak diketahui