وكان فرعون راضيا، وكأنما أراد أن يلهو قليلا، فأرسل في طلب الأميرة مري سي عنخ، ولبت الأميرة نداء والدها وجاءت تسعى في جلال الحسن، ولما رأت الماثل بين يديه خفق قلبها وتولاها الحياء والارتباك، وترددت كغزال رأى رجلا ... فنظر إليها فرعون بحنان وقال بلهجة رقيقة لم تخل من سخرية: أيتها الأميرة! يزعم هذا القائد الظافر أنه غزا حصنين؛ سور سيناء وقلبك!
فقال ددف بتوسل: مولاي ...!
وأعياه الكلام فسكت مقهورا مرتبكا، ورأى فرعون قائده وقد خانته شجاعته، ورأى ابنته وقد تولى عنها الكبرياء، وأضناها الحياء والارتباك، فهوى قلبه إليها، وناداها إلى جانبه، ثم نادى ددف، فاقترب الشاب في تهيب شديد، ووضع الملك يد الأميرة على يده في تؤدة، وقال بصوته الجليل الذي تقشعر له القلوب: إني أبارككما باسم الآلهة جميعا.
31
واستقبل ددف على أثر انتهاء المقابلة الفرعونية السعيدة فترة من الزمن مقدارها اثنتا عشرة ساعة. توالت فيها الحوادث الجسام الغريبة التي تزلزل النفوس وتحطم العقول، فكانت في عمره السعيد الهادئ مثل مسقط الشلال في مجرى النيل الرزين الجليل ...
ماذا فعل ددف في تلك الفترة القصيرة الحافلة بالعجائب؟
خرج من الحضرة الفرعونية فطلب مقابلة الوزير خوميني، وعرض عليه موضوع مظلمة المرأة المصرية الأسيرة التي لا تكاد تغيب عن خاطره، وأخلى الوزير سبيلها وأحضرها إلى القائد.
وقال لها ددف: أهنئك يا سيدتي باستردادك لحريتك بعد طول الأسر، ولما كان الوقت متأخرا فستنزلين ضيفة علي إلى الغد، ثم تولين وجهك شطر أون مصحوبة برعاية الآلهة.
فكان جوابها أن أمسكت بيده ولثمتها بامتنان عظيم، ولما رفعت وجهها، انحدر دمعها على خديها وعنقها، واصطحب السيدة معه إلى عربته ورأى سنفر ينتظره على مقربة منها فأدى التحية له وقال: كلفني صاحب السمو الفرعوني الأمير رعخعوف أن أبلغ القائد بأنه يرغب في محادثته في الحال.
فسأله ددف: أين يوجد سموه الآن؟ - في قصره.
Halaman tidak diketahui