وقالت أخرى بلهجة مرة: ما أقبح أن يهاجم الجنود الفتيات!
ولكنه لم يبالهن، وقال للتي لا تتحول عن وجهها عيناه: طالما رأيتك وطالما امتلأت بك نفسي. - كاذب ... عديم الحياء. - حاشاي أن أكذب، ولكني أحتمل كلامك القاسي بشغف، إكراما للفم الجميل الذي ينثره. - بل أنت كاذب مدع يبغي طريقة عوجاء! - قلت حاشاي أن أكذب ... وإليك الدليل.
قال ذلك ودس يده في صدره وأخرج الصورة وواجهها بها وهو يقول: هل أستطيع أن أرسم هذه الصورة دون أن تمتلئ عيناي بسناك؟
ونظرت الصبية إلى الصورة، فلم تتمالك أن تصيح بإنكار وسخط وخوف، وامتلأت نفوس البنات سخطا، وهجمت عليه إحداهن بغتة تريد أن تنتزعها منه، ولكنه رفع بها ذراعه بسرعة البرق وابتسم ظافرا وقال: أرأيت كيف أنك ملء خيالي ونفسي؟
فقالت بغضب شديد: هذه خسة ونذالة. - ولم؟ ألأنه راقني حسن فصورته؟
فقالت بحدة لم تخل من توسل: رد إلي هذه الصورة.
فقال وعلى فمه ابتسامة حلوة: لن أفرط فيها ما حييت. - أرى أنك من جنود المدرسة الحربية، فاعلم أن سوء أدبك هذا يعرضك إلى أقسى العقوبات.
قال بهدوء: إني أعرض نفسي بالنظر إليك إلى ما هو أشد قساوة. - يا عجبا لقد ابتليت بك ابتلاء. - وابتليت أنا ابتلاء أحق بالرحمة. - ماذا أردت بهذه الصورة؟ وماذا تريد مني الآن؟ - أردت بالصورة أن تشفيني مما فعلته بي عيناك، وأريد منك الآن أن تشفيني مما فعلته بي الصورة. - لم أكن أحلم قط أن يتعرض لي إنسان بمثل سفاهتك. - وهل كنت أحلم أن أسلب عقلي وقلبي في لحظة عابرة؟
وهنا صاحت به فلاحة أخرى: هل سعيت إلينا لتنغص علينا سعادتنا؟
وصاحت به أخرى وقالت: يا لك من شاب وقح سفيه! إني أنذرك بأني إذا لم تذهب سريعا استصرخت بالناس.
Halaman tidak diketahui