Burhan
البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف دارسة وتحقيقا
Genre-genre
تفسير قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾:قال: ﴿نَجِيًّا﴾: نصب على الحال، وهو واحد يؤدي عن جميع، وجمعه أنجية وينشد:
إِني إِذا مَا القَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ ... واخْتلف القولُ اختلاف الأَرْشِيَهْ
هُنَاكَ أَوْصِينِي وَلَا تُوصِي بِيَهْ
يقال: نَجَوْتُ الرَّجُلَ أَنْجُوه نَجِيًّا، جعل صفة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ ويقال للجماعة نجوى، وهم يتناجون تناجيًا، وقال تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ ويقال نجوت أنجو نجوى وأصل النجو الارتفاع من الأرض، فالمناجاة مثل المسارة (١). ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ أي خلا بعضهم لبعض يتناجون ولا يختلط بهم غيرهم، والنَّجِيُّ: يكون واحدا، وجماعة، لأنه مصدر وكونه للجماعة: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾، ﴿مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ﴾ والواحد ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ فهي في هذه المناجاة نفسها ومنه قول الشاعر:
وأحب نجوى الرجال فَـ ... كُنْ عِنْدَ سرّكَ حبَّ النَّجِيّ
والنجوى و"النجي" في هذا بمعنى واحد، وهي المناجاة (٢).
ثم يقول الحوفي في تفسير سورة المجادلة: "النجوى" ما ينفرد به الجماعة أو الاثنان سرا كان أو ظاهرا، وبمعنى نجوت الشيء في اللغة: خلصته وألقيته، يقال: نجوت الجلد إذا ألقيته عن البعير. قال الشاعر:
فقلتُ انجوا عنها نجا الجلد إنه ... سيرضيكما منها سَنام وغاربُهْ (٣)
_________
(١) الأندونيسي، مرجع سابق، ص ٢٨٤.
(٢) ينظر قسم التحقيق، ص ٢٨٧.
(٣) الأندونيسي، مرجع سابق، ٤٣٨ - ٤٤٠.
1 / 66