236

Burhan

البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف دارسة وتحقيقا

Genre-genre

الْخَائِنِينَ﴾ يقول فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب، ولأن الله لا يهدي كيد الخائنين أي: لا يسدد صنيع الخائنين أي: صنيع من خان الأمانات ولا يرشد أفعالهم (١)، واتصل قوله: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ بقول امرأة العزيز: ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ لمعرفة السامعين بمعناه كاتصال قول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ بقول المرأة: ﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ (٢) وكذلك قول فرعون لأصحابه: ﴿فَمَاذَا تَامُرُونَ﴾ وهو متصل بقول الملأ (٣): ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ (٤). وقد تضمنت الآيات البيان عما يوجبه تفصيل الحكم للمعنى من حسن الإفصاح لما وقع به السؤال ليتقرر في النفس مرتبة بعد مرتبة بأحسن ما يقع به الإبانة، والبيان عما يوجبه تكميل جواب العالم من تمام الفائدة المتصلة بما سئل عنه مما فيه البشارة بما يؤول إليه الحال من السلامة مع إدرار الخير في السنة المخصبة، والبيان عما يوجبه طلب الملِك للعالم الجليل من تمكين أسباب الملك للمطلوب على ما يرى من بينة حتى تظهر براءته مما قذف به وحبس بسببه، والبيان عما يوجبه بطلان الانتفاع بالكذب من الإقرار بالصدق الذي فيه براءة الساحة والتنزيه عن لحاق الريبة، والبيان عما يوجبه قبح الخيانة من الانتفاء منها والإبانة عن فحشها وما يؤدي إليه من حرمان الهداية من الله وإيجاب العقوبة.
القولُ في الوقفِ والتمامِ:

(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٤١.
(٢) سورة النمل، الآية: (٣٤).
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٤٢. الثعلبي، مرجع سابق، ٥/ ٢٢٩. البغوي، مرجع سابق، ٢/ ٤٩٦.
(٤) سورة الشعراء، الآية: (٣٥).

1 / 236