263

Burhan Fi Wujuh Bayan

البرهان في وجوه البيان

Genre-genre

وأما معاملته لخاصته، فإن خاصة الوزير أربعة، وهم: صاحب سره ومشورته، وصاحب خبره، وكتابه، وحاجبه. أما صاحب السر والمشورة فينبغي أن يكون أوثق أصحابه في نفسه، وأشدهم مشاركة له، وصحبته لا تقتصر منه على المحبة والمشاركة حتى يكون ممن يجمع معها رأيا وجودة معرفة، واجتهادا في النصيحة. فقد قيل: شاور نصيحا أو عاقلا، # وأنا اقول: ولا تشاور إلا من جمع النصيحة والعقل، فإن نصيحة من لا عقل له غير نافعة، وعقل من لا نصيحة له ربما أوقع في ورطة. وقال بعضهم: لا تشاور أحدا في شيء له خيره وعيله شره، فإنه ربما أذهله الخوف أو الطمع من تصفح ما تسبق إليه النفس، ولكن شاور فارغا عاقلا محبا للصواب معنيا به، لا يبالي إن كان ذلك لك أو عليك، فرد هذا القول أحمد بن الطيب وقال: "هذا عندي فاسد، لأن مشاور العاقل المحب إذا كان شريكا في الأمر أحرى بالصواب، ولأن الحاجة تبعث الحيلة، وليشاور فيما يحتاج إلى المشاورة فيه ذا الرأي والنصيحة من ثقاته وبطانته، ولا يضره أن يعم المشورة فيما لا يبالي بإظهاره من أراد أن يخلطه بثقاته، ويعرفه أنه قد جعله في منزلة من يستشيره ويستنصحه ويعمل برأيه، فأما ما تكره إذاعته فالتذكره عند الضرورة إلى المشورة فيه للبطانة واللموثوق بها دون غيرها، ولكن ذكره له بالنظائر والأشباه، لا بالتصريح والإفصاح وكانوا يكرهون أن يشاوروا في الحروب خوفا من ظهور السر أو بدو العورة، ولذلك قيل: ما استطعت أن نحترس في الحرب بكتمان سرك ممن تقاتل فافعل.

إذاعة السر:

Halaman 341