قلت وقال -عليه السلام- أيضا بعد النصف الثاني من الجزء الثالث من (الشافي)(1) أيضا ما لفظه: والجواب: متى ثبت أن لفظة (مولى) مشتركة بين معان كالمعتق والمعتق، وابن العم والمولى(2) والناصر، والأولى بالأمر والمالك، على ما ذلك معروف في اللغة لكنها في هذا الوجه من الاستدلال قد تخصصت بمعنى الأولى والأحق لأجل المقدمة السابقة وهي قوله: ((ألست أولى بكم من أنفسكم)) فإذا كانت لفظة (مولى) مستعملة بمعنى الأولى على وجه الحقيقة كما قال الله سبحانه وتعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير}[ ]} معناه هي أولى بكم، وجب حمل هذه اللفظة على أنه أراد بها (الأولى )لأن ذلك يقتضي ارتباط بعض الكلام ببعض؛ فيكون ذلك أتم لفائدته، ويكون تقديم لفظة (أولى) قرينة توجب صرف هذا اللفظ إلى هذا المعنى كما يجب صرف الخطاب من تعريف الجنس إلى تعريف العهد لتقدم ذكره ولو كان لرجل عشرة عبيد ثم وصف أحدهم بحسن الخدمة وجميل العشرة وذكره دونهم ثم قال: فاشهدوا أن العبد حر، لوجب صرف هذا الكلام إلى ذلك العبد المذكور أولا دون غيره من عبيده وليس ذلك إلا لتقدم ذكره؛ كذلك ما نحن فيه يحب صرف قوله (مولاه) إلى معنى (الأولى) ويصير كأنه قال فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به ولا شك أن الأولى هو الأحق والأملك [45أ-أ] للتصرف فيهم وذلك يفيد ثبوت الإمامة [48-ب] ولما ذكرنا أن لها المراد به ملك التصرف على الكافة؛ فإذا كان علي -عليه السلام- أملك بالتصرف فيهم فقد ثبت هذا المعنى وزيادة، وقد روي هذا المعنى عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وذلك ثابت فيما رويناه بالسند الموثوق به إلى جعفر بن محمد الصادق -عليهما السلام- أنه سئل ما أراد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بقوله لعلي: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) فاستوى جعفر قاعدا ثم قال: سئل عنها والله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر معه وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعلي مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه)) وهذا نص صريح فيما رمناه من ذلك. انتهى كلامه -عليه السلام- هنا.
ثم قال -عليه السلام- عقيب هذا بنحو ورقتين وهو بعد النصف من الجزء الثالث من (الشافي) (1) وذلك بعد قول فقيه الخارقة ما معناه: أنه كان يجب على علي -عليه السلام- إظهار العلم وبذل النصيحة، بمعنى أنه كان يجب عليه أن يقول لهم أنه الإمام ويرفع عنهم كل لبس ولو بمجاهدتهم وقتالهم ونحو هذا، فقال -عليه السلام-: والجواب أن ما ذكره من وجوب بيان معنى النصوص الاستدلالية لا يجب عليه -عليه السلام-؛ لأن في بيانها وقوع الأمور المخوفة ويجري بيانها قوله أنا الإمام وأنتم ظلمة على أنه -عليه السلام- قد بين في أيام أبي بكر وامتنع وأظهر للخاص والعام أنه أولى بهذا الأمر وذكر النصوص وبين الاحتجاج بمعانيها فلم يسرعو القوم إلى ذلك ونفرت عنه قريش إلا القليل وقال لهم: ما عذركم في التقدم علي والاختصاص بمقامي الذي جعله الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- لي.
Halaman 150