بالذرع، والمساحة، وقسمة الأرضين حتى اختط مدينته المعروفة بمدينة أبي جعفر «1» ، وأحضر البنائين والفعلة والصناع من النجارين، والحدادين، والحفارين، فلما اجتمعوا وتكاملوا أجرى عليهم الأرزاق، وأقام لهم الأجرة، وكتب إلى كل بلد في حمل من فيه ممن يفهم شيئا من البناء فحضره مائة ألف من أصناف المهن والصناعات.
خبر بهذا جماعة من المشايخ أن أبا جعفر المنصور لم يبتد البناء حتى تكامل له من الفعلة وأهل المهن مائة ألف.
ثم اختطها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائة، وجعلها مدورة، ولا تعرف في جميع أقطار الدنيا مدينة مدورة «2» غيرها.
ووضع أساس المدينة في وقت اختاره نوبخت المنجم، وما شاء الله بن سارية، وقبل وضع الأساس ما ضرب اللبن العظام.
وكان في اللبنة التامة المربعة ذراع في ذراع، وزنها مائتا رطل، واللبنة المنصفة طولها ذراع، وعرضها نصف ذراع، ووزنها مائة رطل، وحفرت الآبار للماء وعملت القناة التي تأخذ من نهر كرخابا «3» ، وهو النهر الآخذ من الفرات فأتقنت القناة وأجريت إلى داخل المدينة للشرب، ولضرب اللبن، وبل الطين، وجعل للمدينة أربعة أبواب، بابا سماه باب الكوفة، وبابا سماه باب البصرة، وبابا سماه باب خراسان، وبابا سماه باب الشام، وبين كل باب منها إلى الآخر خمسة آلاف ذراع بالذراع السوداء «4» من خارج الخندق، وعلى كل باب منها بابا حديد عظيمان جليلان، ولا يغلق الباب الواحد منها، ولا يفتحه إلا جماعة رجال.
Halaman 25