ثانيا: مولده، ونشأته، ودراسته ولد السيوطي رحمه الله بعد المغرب ليلة الأحد، مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة (849ه). (¬1) "هيأ الله للسيوطي من أسباب النجاح في الحياة ما جعله آية في العلم، ونابغة من نوابغه، أغرم به منذ صغره، فقد حباه الله تبارك وتعالى بمزيد من النبوغ المبكر، وأنبته نباتا حسنا في وسط علمي عريق"(¬2). حمل السيوطي في حياة أبيه إلى الشيخ" محمد المجذوب" فبرك عليه(¬3). وأحضره والده قبل موته وهو صغير مجلس الحافظ ابن حجر(¬4) فشملته إجازته(¬5). ثم توفي والده بعد ذلك وقد بلغ من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر، وكان قد وصل إذ ذاك في القرآن الكريم إلى سورة التحريم(¬6)، فنشأ يتيما، وأسند والده وصايته إلى نفر من كبار علماء عصره منهم العلامة" كمال الدين بن الهمام"، فحفظ القرآن وكان دون الثامنة، ثم حفظ العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك، وبدأ الاشتغال بالعلم على وجه التحديد ابتداء من ربيع الأول سنة أربع وستين وثمانمائة - أي كان عمره آنذاك خمس عشرة سنة- ولازم الشيوخ من مبدأ طلبه للعلم فأخذ (الفقه) عن "سراج الدين البلقيني" وعن ولده "علم الدين"، و(الفرائض) عن "الشارمساحي" و(التفسير) عن "الشرف المناوي"، وفي (العربية) والحديث عن "تقي الدين الشمني" و"محيي الدين الرومي" وعن غيرهم كثير(¬7)، يحدثنا عن طرف من هذه البداية العلمية الموفقة فيقول:"شرعت في الاشتغال بالعلم من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي.
Halaman 30