64

بلاغات ابن شهاب الزهري وإدراجاته في الكتب الستة

بلاغات ابن شهاب الزهري وإدراجاته في الكتب الستة

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Genre-genre

الرَّوْعُ، فَقَالَ: «يَا خَدِيجَةُ، مَا لِي» وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وَقَالَ: «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ لَهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، فَيَكْتُبُ بِالعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ وَرَقَةُ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ» فَقَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ ﷺ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فَالِقُ الإِصْبَاحِ﴾: «ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ» (١). نسبة البلاغ إلى قائله: القائل: وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ ﷺ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا .... قيل: هو الزُّهْرِيّ، قاله الحافظ ابن حجر، حيث قال: "ثُمّ إنّ القائل فيما بلغنا هو الزُّهْرِيّ، ومعنى الكلام أَنّ في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول اللَّه ﷺ في هذه القصّة وهو من

(١) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب التّعبير، باب أوَّل مَا بُدِئَ به رَسُول اللَّه ﷺ من الوحي الرُّؤيا الصَّالِحَة، رقم (٦٩٨٢)، ٩/ ٢٩.

1 / 62