144

بلاغ الرسالة القرآنية

بلاغ الرسالة القرآنية

Penerbit

دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

صحيحه قال: (باب العلم قبل القول والعمل)، وقد تقدم ذكر التعليم على التزكية -بناء على الأصل- في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [البقرة:١٢٩].
صحيح أن العطف بالواو -في الآيات كما هو في العربية- لا يفيد الترتيب، لكن التقديم والتأخير في البلاغة يفيد الأهمية؛ ومن هنا جاءت التزكية في الآيتين الأوليين مقدمة على التعليم؛ من باب ذكر المقاصد قبل الوسائل؛ لشرف الغاية وعلوها؛ وحتى لا يفتتن السائر بالوسيلة عن الغاية؛ فيضل عنها، ويكون من الخاسرين.
تقول لي: وما بال التحلم؟ أقول: ذلك أنه ﷺ ما عَلَّم ولا زَكَّى إلا بحِلْم، فهو الخاصية العظمى لمنهج التعليم والتزكية لديه ﷺ، كما سترى بحول الله.
والحِلْمُ: الرزانة والكياسة والرحمة والأناة، وهو ضد الجهالة والسفه، والتَّحَلُّمُ: تخلق الحلم، وتكلفه؛ حتى يصير لك خلقًا. ومعنى (اتباع السنة تحلمًا): التخلق بأخلاقه ﷺ في ذلك؛ أي في حلمه، وصبره على جهالة الناس، وسفههم. قال ﵊: «إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم. ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه» (١).

(١) رواه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة، ورواه الخطيب البغدادي عنه، وعن أبي الدر داء، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: (٢٣٢٨).

1 / 148