Bismarck: Kehidupan Pejuang
بسمارك: حياة مكافح
Genre-genre
وعلى ذلك أفلم يبصر بسمارك البالغ عشرين عاما من عمره ما لا يبلغ بدونه شيء في أيامنا ببروسية الحديثة؟ هنالك دستور يزدريه في صميم فؤاده، وهنالك تقوى تعوزه في الحقيقة، وتنطوي تلك الذكريات على صدق لا مراء فيه، وما وصفه كيزرلنغ في ذلك الحين، كما صنع الحاج الحكيم، فيدل على درجة حلم صديقه بما تنم عليه الأوسمة من سلطان إن لم يدل على حبه لهذه الأوسمة نفسها، ولكن هل على المرء أن يكون تقيا في باطنه؟ هذا يعني أن على المرء أن يكون تقيا، وهو إذ ليس كذلك كان ذلك «هراء» فدعنا نملأ كئوسنا إذن.
وإذا أردنا أن نعرف أن ما في قلب بسمارك هو خصم لطموحه، وإذا أردنا أن نرى زهوه الثابت الذي يناهض به ذلك الطموح؛ لم يكن علينا إلا أن نستمع إلى حديثه الكتابي مع صديقه الثالث شرلاخ الذي عرفه منذ أيام غوتنجن والذي كان يراسله صريحا، ولكن على قلة، والذي كتب إليه أيام تمرينه المهني يقول له معترفا: «إن ما كان من إكراه طموحي - الذي كان أقل عنفا تجاه وجهة أخرى - إياي على مهنة لا عهد لي بها سابقا يحفزني إلى سلوك سبيل لا مثيل لها في حياتي فأتخذ جميع الوسائل التي أجدها نافعة لتقدمي، ولا أدري هل أنت مقيم على الابتسام من حماقتي وأنت خلف قدح من خمر شرلاخبرجر،
16
ألا إن هذه هي حال نفسية لا أمنع نفسي من وصفها بالسعادة مع عدم أسف عليها، ألا إنني بلغت في هذا الحين من الافتتان بالعمل ما يساورني معه سرور لا نفع فيه كضياع للوقت.»
ولكنه لم ينشب أن يرى ذلك كله موجبا للسخرية، فقد أضاف إليه قوله: «إنني إذا رجعت البصر إلى حياتي وجدتها أمرا موجبا للرثاء في الحقيقة، وأقضي نهاري فيما لا يهمني من الدراسات، وأبدي في أوساط المحكمة والموظفين المسائية ارتياحا لا أحسه أو أرغب فيه لعدم دناءتي، ومن الصعب أن أعتقد أن بلوغي التام للغايات التي أسعى إليها ونيلي أكبر لقب وأعظم وسام وأرقى مقام في ألمانية مما يمكن أن أكافأ به على ما ألاقيه من حصر مادي وأدبي ناشئ عن مثل ذلك العيش، أجل، إنني أشعر في الغالب بضرورة استبدالي المحراث بالقلم وكيس الصيد بالمحفظة، غير أن صنع ذلك يروقني على الدوام.»
وهكذا يناهض عجبه الموروث عن أبيه ما ورثه عن أمه من طموح ويطارده في زاوية، وإذ إن ما فيه من ثقة بنفسه يصرفه عن الشك في نجاح ما يبدأ به من أمر فإنه يبصر منذ البداءة عدم وجود قيمة جوهرية لذلك النجاح.
والآن يبحث عن النجاح مع ذلك، فتراه يحسب أسرع الوسائل لنيله، ويقدم نفسه إلى الرين ويستقر بالمنزل صيفا بأسره للمرة الأولى في حياته، معدا فيه أجوبة عن وثيقتي امتحان؛ تمهيدا لارتقائه في النقابة، ويصنع ذلك عن عزم، لا عن كبير أثرة، ويصنع ذلك لأنه غادر المدينة ووجد نفسه هادئة مطمئنة في نهاية الأمر.
ويبلغ ذلك السيد الحادية والعشرين من سنيه، فانظر إليه في شونهاوزن حيث عاد أبوه الآن، «فهنالك تبصر بناء ذا ثلاثين غرفة، وتبصر اثنتين من هذه الغرف ذاتي أثاث، وتبصر زرابي شرقية رائعة رثة، لا يكاد لونها الأصلي يبدو، وتبصر ما لا يحصيه عد من الجرذان، وتبصر مواقد تلعب فيها الريح، أي تبصر قصر أجدادي الذي يهدف كل شيء فيه إلى إنماء السوداء. أي تبصر قصر أجدادي الذي تعنى به قهرمانة واهنة ممرضة لوالدي البالغ من عمره خمسا وستين سنة ملاعبة له، والآن أعد نفسي للفحص، وأستمع للعنادل،
17
وأتمرن على الرماية، وأقرأ كتب فولتير ورسائل سبينوزا في الأخلاق ... وتروي لي طاهيتنا القديمة أن الفلاحين يسألون عني بقولهم: ماذا يصنع معلمنا الشاب المسكين في هذه الدنيا؟ ولذا لا تجدني راضيا عن شيء كوجودي هنا، وأنام ست ساعات فقط، وأشعر بلذة في المطالعة؛ أي أتمتع بأمرين كنت أظن تعذرهما علي، وأعتقد أن سبب جميع هذا هو ما كان من شدة غرامي في الشتاء الأخير ... ومما لا يروقني أن أفصل على ذلك الوجه عن هدوئي الفلسفي وعن تهكمي. واها! واها! ستقول: ذلك ولع تعس، تلك عزلة، تلك سوداء ... إلخ، والدنو ممكن، ولست مبال بشيء مع ذلك، وأحلل علل الحب وفق مبادئ سبينوزا حتى أعالجه باعتدال في المستقبل.»
Halaman tidak diketahui