Bismarck: Kehidupan Pejuang
بسمارك: حياة مكافح
Genre-genre
وهو في أثناء هذه الاحتفالات والولائم والمواكب التي جعلت من سياحته - مجاوزا جنوب ألمانية - مظاهر نصر، وهو في غضون ما لقيه من ولاء وحماسة وجد ما يدفعه إلى التفكير في منح مثل هؤلاء القوم من السلطان أكثر مما لديهم، وهكذا في تاريخ لاحق، ونتيجة لجور يتوجع منه، يبصر بسمارك كيف أضاع الفرص، وتلك الخطب كانت أولى خطبه الشعبية، وهو قد ألقاها في دوائر البلدية وحانات الجعة وفي أعلى الشرف وفي الساحات العامة بين درسدن وميونيخ، وبتلك الخطب ينطق ذلك الشيخ بإنذاراته المتأخرة كما يأتي:
يقوم النظام الملكي الدستوري الذي نعيش به على تعاون بين إرادة العاهل وقناعة الرعية، ومن المحتمل أن أعنت من غير قصد على خفض شأن البرلمان إلى مستواه الراهن، ولم أرد قط أن يبقى على مستواه المنخفض زمنا طويلا، وأتمنى أن أرى في البرلمان أكثرية ثابتة لما لا يكون له من السلطان الضروري بغير هذه الأكثرية، وإن الواجب الدائم للمجلس التمثيلي هو أن ينتقد ويرقب وينذر ويحذر، وأن يوجه الحكومة في بعض الأحوال، ولا يهدأ لي بال حول دوام نشوئنا القومي ومتانته ما لم يتحول الريشتاغ على ذلك الوجه، وفي الماضي كنت لا أدخر وسعا في تقوية الشعور الملكي في الشعب، وقد هتف لي وشكر لي في البلاطات وفي العالم الرسمي مع رغبة الشعب في رجمي، واليوم يهتف لي الشعب ويصفق لي على حين يطوي أركان البلاط والأوساط الرسمية كشحا عني، وأظن أن هذا يسمى سخرية القدر.
فبتلك البراعة يتخلص ذلك النقادة الأعظم في أصعب أدوار خطته حين يهدف إلى التأثير في الجمهور، والحق أن تصرفه ينطوي على سخرية فاجعة، وهو يعرف هذا، وعن هذا التحول المتأخر يصدر سهاده ، وإذا نظرت إلى عمله السياسي في جميع حياته وجدته مركزا تركيزا ذاتيا، مفكرا فيه تفكيرا ذاتيا، موجها له توجيها ذاتيا، وبسمارك في جميع حياته يرد كل شيء إلى المبدأ الحكومي الآتي وهو: أن عداء بسمارك العميق للشعب لم ينشأ عن رغبته في الإشراق ما دام استخفافه بالناس صانه من هذا الزهو، كما أنه لم ينشأ عن نيله سلطانه وحفظه هذا السلطان بفرضه من عل، وإنما نشأ عما في الرجل من ذكاء يعد ضربا من العبقرية الفطرية وعن شعوره دوما، ومن ناحية الدم بأنه سليل طبقة عالية، فلا يريد الحكم بسوى هذه الطبقة التي هي طبقته وإن لم تكن هذه الطبقة عنده دون غيرها محلا للانتقاد، وكان يرى أن الملك وطبقة الأشراف ركنا الدولة، فلا يعدو منح حق التصويت العام حد إعطاء جيل يسير في الظلام امتيازا عن غصب، فمن إضعاف البرلمان وإخضاعه لسلطة الملك يتألف مبدأ بسمارك الأساسي بانيا للدولة، وعلى هذا المبدأ سار بسمارك في عشرات السنين.
ولم يكن النظام الملكي القوي الذي كان يباهي به بسمارك في اللندتاغ والريشتاغ غير سلطان صوري كالنظام الملكي الإنكليزي الذي لم يقصر في انتقاده، ولكن بينما ترى الشعب في إنكلترة جوهرا لشكل النظام الملكي ترى جوهر شكل النظام الملكي في ألمانية هو المستشار، وإن شئت فقل بسمارك نفسه، وبسمارك قد عرف بما فيه الكفاية وجه الخدعة في ملاعبته الشعب، وذلك من غير أن يأذن لأي غريب أن يدخل بين الإمبراطور والمستشار في تلك الرواية الاستبدادية، والإمبراطورية هي إمبراطوريته، ولا يرى لسواه حقا في إصدار الأوامر، وما كان ليرضى بعمله، وما كان لاعتداده بذاته أن يسكن بغير هذه الشروط، وقد دام هذا حتى حدث المستحيل، وهو أن الملكية التي ما فتئ يعلن سلطانها مدة ثلاثين سنة قضيت في مكافحة ممثلي الشعب؛ لم تنشب أن تجسدت في شخص آخر فبدت بكل قوتها وأسقطت مولاها، وهنالك وقف ذات حين وحيدا بلا ولي وبجانب الشعب.
والآن حينما انحاز الشعب إلى بسمارك اعترف هذا الشيخ بما في حساباته من خطأ، والآن يقف بجانب الشعب عن هوى غريزي؛ أي لمثل السبب الذي سبق أن وقف به مخلصا بجانب النظام الملكي، والآن يتنزل عن مقدار كبير من كبريائه فيعترف أمام بني وطنه وأمام أوروبة بقوله: «إن من المحتمل أن أعنت - عن غير قصد - على خفض شأن البرلمان إلى مستواه الراهن.»
وفي تلك الأسابيع يقيم رجال الفن بميونيخ وليمة له، ويرفع لينباخ قعبا مملوءا بجعة ميونيخ تكريما لضيف الشرف، ولكنه وجد قعب الجعة من الثقل ما خشي معه أن يسقطه فأعاده إلى المائدة، وهنالك يصرخ بقوله ملهم هز به مشاعر الحضور، وهو: «من يعجز عن حمله يضعه!»
وبتلك الكلمة المرتجلة يلخص المصور ما بين ولهلم وبسمارك من صراع، ويقول بسمارك: «إذا ما دنا قطاري من محطة وأخذ يدخلها ببطء سمعت هتاف الجمهور الذي ينتظرني وهزجه فيكاد قلبي يطير فرحا من عدم نسيان ألمانية إياي.»
الفصل العاشر
نرى في طالع بسمارك كما في خط يده ما يؤيد تقديرنا لسجيته، فهو قد ولد في برج الأسد فدل هذا على القوة، وكانت الشمس في برج الحمل كما كانت خاضعة للمريخ فدل هذا على الشجاعة، وكانت الشمس مضادة لأورانوس فدل هذا على القيام برسالة، وهكذا تراه جامعا لعلامات النار الثلاث.
ويدل خطه على العقل أكثر من دلالته على الخيال، وينم خطه على الإرادة والقوة والاعتداد بالنفس وضبط النفس والثقة بالنفس وحس الشكل، وعلى الزهو والعناد، وعلى البعد من الاصطلاح، وعلى الترتيب وكثرة مفاجئات رجل واقع تحت رحمة أعصابه، وخطه ضخم مع عدم تكلف لكبر الحجم، وأظهر انتظام في خطه كان عند بلوغه منتصف عمره فلا تجد فيه علامة انفعال أو آية زيادة، ويغدو خطه في مشيبه أكثر مرونة وأعظم سخاء، ومما يجدر ذكره بقاء خطه كسجيته غير متحول مدة خمسين سنة.
Halaman tidak diketahui