308

Bismarck: Kehidupan Pejuang

بسمارك: حياة مكافح

Genre-genre

6

ويعود إليه وعيه ويأمرني بالانصراف وهو يقول: سأراك مرة أخرى.» وفي الصباح التالي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

ووقت الظهر ينعى بسمارك الإمبراطور إلى الريشتاغ رسميا، وتخنقه العبرات غير مرة في أثناء بيانه القصير، ومن قوله: «التمست من صاحب الجلالة أن يكتفي بالحروف الأولى من اسمه حين التوقيع، ولكنه أفاد أنه لا يزال من القوة ما يستطيع معه أن يمضي باسمه الكامل؛ ولذا تحمل هذه الوثيقة التاريخية التي هي أمامي آخر إمضاء له، ولا ينبغي لي في هذا المكان الرسمي أن أسترسل في بيان مشاعري الشخصية، ولا يفيد هذا ما دام مثل الأحاسيس التي تواثبني حيا في قلب كل ألماني، وليس من النافع أن يعرب عنها إذن، ولا يخامرني ريب في أن ما فيه من شجاعة بطل وحس شرف وإخلاص عمل وصدق جهاد في سبيل الوطن سيظل تراث أمتنا الذي لا يندرس.» وما كاد الخطيب يتم كلمته حتى غطى بيديه وجهه.

ومن ثم ترى كيف أنجز بسمارك عمله الرسمي، وكيف ظل وفيا لنفسه حتى في تلك الساعة، وكيف أنه لم يسلك سبيل عرض عواطفه مع عدم وجله من إظهارها، وكيف أنه كان حريصا على اجتناب كل انطلاق مع الحسرات رحمة بنفسه ونفس سامعيه، وكيف أنه عرض آخر توقيع لولهلم كرمز بدلا من الكلام حول الإمبراطورية، وكيف أنه تفادى من النطق بلفظ زائد فلم ينعت العاهل الراحل بالعظيم ولا بالمنصور ولا بالحذر ولا بالحكيم، بل وصفه بالشجاعة والإقدام والنشاط فقط؛ أي بما يصدر عن رجل ناضج يرى إظهار ما يلائم قلبه المضطرب الأبي في تلك الساعات.

وتشترك العاصمة والأمة الألمانية وأوروبة وجميع البلدان الأجنبية في تشييع العاهل، فلما مر الموكب من شارع أنتردن لندن (تحت الزيزفون)، وفي وسط الصمت، دوى صوت ملخص في كلمتين ساخرتين لسير هذا الأمير المحير، فقد صرخ رجل من بين الشجر بقوله: «يأتي لهمن إلى هنا!» وباسم لهمن المستعار كان الأمير ولهلم قد فر إلى لندن منذ أربعين عاما حين كان العصاة في مثل ذلك اليوم من شهر مارس، وحين كانت الرياح تخفق فوق شجر الزيزفون ذلك، ينادون بسقوط الأمير الرامي بالرصاص! وفي تلك الأيام كان ولي العهد ولهلم مختبئا في جزيرة الأطواس، ولم ترد زوجه أن تدل على مكان استتاره حتى الشريف الشونهاوزني «بسمارك»، وفي ذلك الحين يعرف خبر هروب ولهلم، وتعرف قصة جواز سفره الزائف، فتنظم القصائد الساخرة حول لهمن ويسير بها أهل برلين مغردين، وقد قرأ بسمارك هذه القصائد آنئذ - لا ريب.

ولا عجب إذا ما سمع بسمارك ذلك الصوت الصادر من بين الزيزفون، وفيم فكر حينما كان وراء النعش؟ وكان جالسا في العربة بجانبه غريبا عنه متلففا في فروته مولتكه الذي كان شيخا في التسعين من عمره، وكان رون ميتا، ومن كان هنالك أداة وصل بغابر الأزمان؟ لا أحد، فلا ترى من أولئك ضابطا ولا وزيرا، ولا نديما يستحق الذكر، وكانت أوغوستا على قيد الحياة، ولكنها لزمت بيتها لشيبتها، وما كنت تبصر من لابسي البزات الرسمية سوى أناس من حديثي السن، ولا سيما ذلك الحفيد الذي يبدو وحده خلف الجثمان رأسا، وكان الإمبراطور الجديد مضطجعا على سرير موته في القصر، وقد أصبح شهود بروسية القديمة من الهالكين.

وبسمارك آخرهم.

الجزء الخامس

المبعد

ولم أكون منسجما؟

Halaman tidak diketahui