Bismarck: Kehidupan Pejuang
بسمارك: حياة مكافح
Genre-genre
11
ويحل ولهلم محل أخيه، وينتحل مثل سلطانه، وولهلم ليس بالجبان ولا بالمجنون، وولهلم لم يرد القتال مع ذلك، ولم يكد ولهلم يرى ما كان قد رفضه يسير وفق فائدته حتى أعرض عن البناء وطمح إلى الفتح، ويجلس بسمارك هنالك مواجها له مريضا مهرما لابسا ثيابا مدنية، وما كان الملك ولا القواد ليروا فيه «موجد نظام الأمور الجديد»، فيعربوا له عن شكرهم، ولم يساور بسمارك غضب حينئذ، ولم يهدد بسمارك بالاستقالة آنئذ، وبسمارك لم ينبس بكلمة وإنما يقتصر على الانزواء بعيدا من عيون خصومه وآذانهم فيسكب من الدموع الكثيرة كما صنع منذ سبع عشرة سنة، ومن ذا الذي يقدر في القصر هنالك على إدراك ما في هذا المسرح من منظر روائي مؤثر مذكر بالمآسي الكلاسية؟
12
بيد أن الوقت ليس وقت عرض للمشاعر، ويرتبك الملك قليلا وينهض ويتبعه قواده إلى خارج الغرفة، ويظل بسمارك في حجرة نومه وتخنقه العبرات ويسمع وقع أرجلهم عند رحيلهم، ويعرف بشعوره الدبلمي ماذا يعني هذا، ويتمالك ويكتب ويبين الأسباب التي سيرته ويلتمس أن يؤذن له في الاستقالة إذا لم يجب إلى ما أراد، وفي الغد يذهب إلى الملك حاملا كتابه بيده فيعلم في بهو الاستقبال آخر الأخبار عن الهيضة ومدى انتشارها فيبصر أنها ستشتد في شهر أغسطس بهنغارية؛ نتيجة لقلة الماء وكثرة الفاكهة الناضجة، فيجد في غوائل الصحة العسكرية ما يقوي عوامله السياسية، ويدخل على الملك، ويبين له أن النمسة إذا ما ضربت بقسوة لم تلبث أن تحالف فرنسة، وروسية أيضا، فتنتقم من بروسية، وأن هدم النمسة يسفر عن ثغرة تكون بابا لثورات جديدة، وأن بروسية غنية عن النمسة الألمانية، «فجمع النمسة الألمانية مع بروسية ليس عملا صائبا، فلا تصبر فينة على سلطان برلين، وعلينا أن نسرع في تسوية الأمور بسرعة، وذلك قبل أن يكون لدى فرنسة من الوقت ما يصبح لها من الصلات الوثيقة بالنمسة أكثر مما مضى.»
ويصرح الملك بعدم كفاية هذه العوامل، ويصر على تنزل النمسة عن سيليزية وأن يؤخذ من الدول الألمانية الأخرى قطع أملاك، ويرد الوزير جميع هذا، ويحذر ولهلم من بتر شيء من تلك الدول لما يوجبه ذلك من انتقام حلفاء لا يوثق بهم، ولكن الملك ضابط، وليس الملك أكثر من هذا، والملك يريد ألا يقف زحف الجيش الظافر، والملك لما لم يجد ما يدحض به براهين بسمارك هز كتفيه هازئا وصاح قائلا: «لا يجوز للجاني ألا يجازى! ويمكن أولئك الذين أضلهم أن ينجوا بسهولة!»
بسمارك :
ليس لنا أن نقوم بوظائف القاضي، والسياسة الألمانية هي التي نبالي بها، وليست منافسة النمسة لبروسية بالتي تستحق العقاب أكثر من منافسة بروسية للنمسة، وعملنا الرئيس هو أن نؤسس وحدة ألمانية بزعامة ملك بروسية أو أن نخطو الخطوات الأولى نحو هذه الغاية.
وما كان بسمارك ليجاوز هذه الجمل الثلاث القومية العادلة المبدعة، وما كان بسمارك ليصوغها مجددا، وكان بسمارك يعلم - كما نعلم اليوم - ماذا يعني حجز ثمانية ملايين من الألمان عن إمبراطورية خضعوا لها منذ ألف عام، وهل كان بسمارك يعلم أيضا أنه يفض بذلك تلك النمسة التي سيعتمد عليها كثيرا في قادم الأيام؟ كان دمل الجرح أعظم منية لبسمارك، فلم يرد ضما ولا تعويضا، وكان رغب بسمارك الوحيد هو إيجاد اتحاد صائب بين دول ذات أمور مشتركة، ويعدل بسمارك عما ينال بالمدافع، ويضع بسمارك العقل فوق القوة، وبسمارك في نقولسبرغ يدنو بذلك المنهاج من المبدأ السياسي في القرن العشرين.
غير أن الرجل الذي يواجهه بسمارك قد ولد في القرن الثامن عشر، غير أن ولهلم يقصر عن إدراك بسمارك، فيقول هذا: «إن من المتعذر أن أستمر على عرضي، وأترك الغرفة معتقدا رد دعواي.» وأول ما يدور في خلد بسمارك هو أن يلحق بفرقته ضابطا، وأن يداوم على حرب يعدها حماقة حاملا سيفه، ومثبتا أنه لا يفتقر إلى شجاعة، ويعود إلى غرفته «في حال روحية أسائل نفسي فيها طرفة عين، عن أن الأفضل في الارتماء من النافذة الواقعة في الطبقة الرابعة، وما كنت لألتفت عندما سمعت فتح الباب، وإن خطر ببالي أن الشخص الداخل هو ولي العهد الذي مررت أمام غرفته حين عودتي إلى غرفتي، ويضع يده على كتفي ويقول لي: تعرف أنني كنت ضد الحرب، وقد أبصرتها ضرورية فغدوت مسئولا عنها، فإذا كنت تعتقد أن غايتها بلغت وأنه لا بد من عقد الصلح؛ وجدتني مستعدا لمعاضدتك ولدعم وجهة نظرك لدى والدي.»
ويمضي نحو نصف ساعة فيرجع ولي العهد فردريك إلى بسمارك هادئا، ويقول له: «وافق أبي على ما ترى بعد جدال طويل.» ويشرف ولي العهد تأييده لقضية خصمه، ويدل هذا التأييد على مقدار اتباع الملك لوزيره، والملك يكتب على هامش مذكرة بسمارك مغاضبا: «بما أن رئيس وزرائي تركني أمام العدو فلا أقدر على استبدال غيره به في هذا الوضع، وبما أن ابني جادلني في الأمر فوجدته على رأي رئيس الوزراء؛ فإنني أراني مضطرا - مع الأسف الشديد - إلى قضم هذه التفاحة المزة موافقا على صلح مخز بعد ذلك النصر الباهر.»
Halaman tidak diketahui