Bismarck: Kehidupan Pejuang
بسمارك: حياة مكافح
Genre-genre
وفي أسابيع الأزمة ببرلين تلك يسبح بسمارك كل صباح وبعد كل ظهر في مياه المحيط الأطلنطي، حيث تلطم الأمواج شواطئ فرنسة بشدة، ويكون بسمارك في بياريتز قريبا من الحدود الإسبانية بعيدا من الخطوط الحديدية ومن الأعمال والصحف الألمانية، ويغتسل بسمارك مرتين في كل نهار، ويقضي بسمارك هنالك أسابيع بدلا من الأيام الثلاثة التي كان يقصد التمتع بها هنالك، ويستلقي بسمارك على الكثبان «مدخنا ناظرا إلى البحر متمرنا على إصابة الأهداف، فنسيت السياسة وصرت لا أقرأ الجرائد»، وتلحق رسائل برنستورف ورون المهمة به في سفوح جبال البيرنه (البرانس)، وينبطح بسمارك على الرمل ويصرخ قائلا: «علي ألا أدعى إلى برلين رأسا، فلست سوى ملح بحر وشعاع شمس. لقد مكثت أكثر من نصف ساعة بالماء، وأشعر بأنني عاطل من جناحين أطير بهما، ونتعشى ونتنزه على الخيل، والقمر يسطع نورا والبحر يرجع جزرا، ثم أعود وحيدا وأشعر بأنني عدت نشيطا.»
ولم يتفق لبسمارك من الهناءة منذ عشر سنين - أو يزيد - مثلما اتفق له في تلك الأسابيع القليلة، ويبدو عاشقا كما يبدو مسرورا، ولكن مع شرف ووفق مبادئ وثيقة، ولكن مع ذكاء رجل عارف بالنساء، ويبدي بسمارك فيما يكتبه كل يوم إلى زوجه من الرسائل وجدا تجاه امرأة أخرى يشبهها بقريبة ميتة فيلقي نورا على غرامه في شبابه. قال بسمارك: «أرى ما لم يره أحد في العالم، أرى البحر الأخضر الأبيض بفعل الزبد وشعاع الشمس وراء صخرتين مستورتين بشجر الخلنج
6
الزاهر، وأبصر بجانبي أكثر النساء فتنة، أبصر من تحبينها كثيرا إذا ما عرفتها، هي تذكرني بماري تادن. هي نسيج وحدها، هي مرحة، هي ذكية، هي أنيسة، هي صبية، هي جميلة.» هي الأميرة أورلوف، بنت تروبتزكوا، التي اجتمع بسمارك بها وبزوجها على ذلك الشاطئ فكان له عندهما زلفى فصار مع السنين يضعهما أمام الغابات البرية والصخور الوعرية، «وأجدني جيد الصحة بما يثير الضحك، وأجدني فرحا ما دمت بعيدا منك.» ويذهب إلى الفراش باكرا، ويفيق باكرا نشيطا، وتعزف السيدة الروسية الفاتنة له على البيان ليلا، ويكون إذ ذاك قريبا من النافذة ناظرا إلى البحر، وهي تلحن له قطعا مفضلة من بتهوفن وشوبن وشوبر، «وهي امرأة ستكونين شديدة الحب لها إذا ما عرفتها.» ويزورون منارة ويجدون زوج الحارس حاملا، ويستحوذ خيال روائي على العاشقين، ويعربون عن حبهم للطفل الذي لم يولد بعد ويقترحون أن يكونوا عرابيه،
7
والواقع أن الولد عند وضعه يسمى أوتون لافلور جمعا لاسميهما، والواقع أن بسمارك ينسى عيد زواجه، فقد استهوت الروسية هذا العارف بالنساء المفتون بالأجنبيات على الدوام، وكانت هذه آخر مغامراته.
والآن يتعقب غادة حسناء أخرى، والآن يسافر إلى ما يأخذ بمجامع قلبه، والآن يولي وجهه شطر السلطان.
وتأتيه إشارة برقية بأفينيون بعد صد ورد في البريد، وتصل هذه الإشارة من باريس إليه بعد أن أرسلها رون إليه في كتاب منذ أسبوعين، ويقرأ بسمارك كلمة «أسرع!» وينتهي إليه ذلك في 18 سبتمبر سنة 1862، والبرقية مؤرخة في 17 من ذلك الشهر، وفي 19 من ذلك الشهر يتوجه بالقطار صباحا إلى برلين حاملا حالا نفسية كما كان عليه منذ خمس عشرة سنة حين أهرع فلاحوه إلى باب شونهاوزن بعد طويل انتظار، راكبين صائحين قائلين: «أخذ الجليد يتكسر، فاحضر سريعا أيها السيد!»
ويجمع حزب التقدم في المجلس الأدنى على رفض مشروع الجيش ما لم تجعل مدة الخدمة العسكرية سنتين، ورون يضغطه رفقاؤه الضعفاء فيجيب بأنه سيفكر في الأمر مع استعداده للتخلي عن أمور كثيرة ، ويعلن برنستورف اعتزاله للخدمة إذا ما رئي عدم احترام البرلمان فلم تجعل مدة الخدمة العسكرية سنتين، غير أن الملك يظل ثابتا لا يتزحزح مستندا إلى مولتكه، وفيما كان كل شيء في خطر إذ يستدعي رون ذلك القطب السياسي الذي سوف يجهز القادة الثلاثة بالفيالق؛ كان الملك في نوبابلسبرغ مضطربا اضطرابا شديدا حين كان بسمارك يسمع صوت النفير بباريس، والملك يجد نفسه للمرة الثانية بين القانون والعقيدة، والملك إذ كان نبيلا، لا رجلا سياسيا، رأى أن يتنزل عن العرش، ويتمثل الأحوال الهائلة التي لقيها في حياته، فيذكر فراره إلى ميمل في صباه، ويذكر هربه، بعد أن صار رجلا، إلى جزيرة الأطواس فإلى لندن، ثم إلى أولموتز، ويذكر ما كان قبيل حرب القرم، ويغدو جميع ذلك أمرا باطلا إذن.
وفي 18 من سبتمبر يستدعي الملك ولده فردريك ويطلعه على وثيقة التنزل عن العرش قبل أن يذيلها بإمضائه، وولي العهد هذا لما كان عليه من ضعف شديد ومن قلة استعداد للقيام بأعباء الملك؛ يمتنع حتى عن قراءة صك التنزل مصرحا بأنه لا يقدر على الحكم بعد الارتداد أمام المجلس، وبأن التنزل عن العرش لا يؤدي إلا إلى زيادة الاصطدام، وبأن ساسة اليمين سيمثلون دور الأب ضد الابن الديمقراطي، ويذكر اسم بسمارك.
Halaman tidak diketahui