Bismarck: Kehidupan Pejuang
بسمارك: حياة مكافح
Genre-genre
4
صلفا يسير الأمور الدبلمية بقوة السلاح.» ويبدأ بسمارك بكتابة تقريره، ويبصر ريشبرغ سوء ما صنع، ويرجع عما رأى ويسوي المسألة.
ويسافر بسمارك إلى فينة فتؤدي هذه الرحلة إلى زيادة البغضاء بينه وبين النمسويين، وبيان الأمر أن الاتحاد الجمركي الألماني، وهو الخطوة الأولى نحو الوحدة الألمانية، كان أقوى رابطة بين بروسية ودول ألمانية الأخرى، وتطمع النمسة أن تثلم ما لذلك الاتحاد الجمركي من حد سياسي بأن تعيد تنظيمه على أسس جديدة، فتود أن تتدخل بين دوله وتوجه المسائل الجمركية توجيها سياسيا ويعرض بسمارك عقد معاهدة تجارية بدلا من ذلك، ولا يتزحزح بسمارك عن موقفه قيد أنملة.
ويعود بسمارك إلى بلده من فينة تاركا الأمور كما كانت، ويعد ذلك أول فوز كبير له؛ لما أدى إليه من بقاء الاتحاد الجمركي بغير النمسة وعلى الرغم مما حاكته النمسة من الدسائس، والشخص الوحيد الذي راقه في فينة وفي أوفن (بودا) فرضي عنه هو الإمبراطور الشاب الذي كان في الثانية والعشرين من عمره، وهو حينما قرأ لإمبراطور النمسة كتابا من ملك بروسية لم يستحسن فيه أكثر من اعتراف هذا الملك بأن آله سكنوا المارش قبل آل هوهنزلرن، وفي ذلك الحين قال مثنيا على فرنسوا جوزيف: «إن لديه نارا ووقارا واعتدالا وتأملا وصراحة وصدقا ولا سيما عندما يضحك.»
وبسمارك لما له من الحظوة لدى الملك تجد له منذ البداءة، وفي جميع تلك السنوات وضعا خاصا تجاه رئيسه الذي يضغن عليه بحكم الطبيعة، وكان تعيين بسمارك قد أثار مقت رئيس الوزراء لتدبيره من قبل رهط غرلاخ الذي كانت تشين صداقة مانتوفل له مزوزة، ويتصف سلطان مانتوفل في السنوات الثماني التي كان يعمل بسمارك تابعا لها في أثنائها بفرانكفورت بالقصر والفتور والمكر والطموح والترنح والديمقراطية، وما كان بسمارك - بالحقيقة، وفي الغالب - إلا أكبر تأثيرا في تسيير الأمور من مانتوفل لنفوذه المزعج المستمر، وكان مانتوفل يشعر بأن سفيره بسمارك سيخلفه، وكان يعلم أن بسمارك قادر غير صابر، فلم يسطع أن يعامله رئيسا، وإنما كان يكتفي أحيانا بمقاومة نفوذه أمام الملك في الأمور الجزئية وبعناد عجيب، ومن ذلك أن أبرق بسمارك من فرانكفورت بضبط أمتعة قنصل مشتبه فيه فجعل مانتوفل من ذلك مشكلة وزارة بدعوته ذلك القنصل إلى العشاء في البلاط، ومن ذلك أن رفض مانتوفل إحالة شائب عاجز في سفارة فرانكفورت على المعاش لإيصاء بسمارك بذلك، ومن ذلك أن غرلاخ استدعى بسمارك إلى برلين، فوخز مانتوفل بذلك، فكتب إلى بسمارك يقول له ألا يلبث كثيرا في برلين.
ويحدثنا بسمارك من ناحيته بأنه كان أكثر «كسلا مما كان عليه في العام الماضي؛ وذلك لأنني لا أجد في برلين صدى لنشاطي ولا نتيجة لنا هنالك.» وعلى ما كان من ملاطفة مانتوفل لبسمارك وتبادلهما رسائل كثيرة ومع كون مانتوفل أبا في العماد لابن بسمارك، عين مانتوفل وكيلا سريا دربا بسرقة البرقيات ليقبض على المحفظة التي تسافر فيها رسائل الملك وغرلاخ وبسمارك ذهابا وإيابا، ويمضي بضع سنوات فيسأل الملك سفيره بسمارك، بواسطة رئيس الوزراء مانتوفل، عن رغبته في أن يغدو وزيرا للمالية، فيأخذ مانتوفل على نفسه أن يجيب الملك بقوله: «إن بسمارك يسخر مني!»
ومصدر تلك المكايد، وزعيم الحكومة الخفي ، هو رئيس أركان الحرب وصديق الملك ليوبولد فون غرلاخ، فهذا القائد الحربي هو الذي أوجب تعيين بسمارك ليقوي حزبه ضد مانتوفل، وإذا استثنيت بسمارك الذي ود غرلاخ أن يدربه وصولا إلى مقاصده؛ وجدت غرلاخ هذا كان يزدري جميع من يتصل بهم فكان يقول عن مانتوفل إنه وزير بلا مبدأ فلا يركن إليه، وكان يقول عن الملك: «إنه سيد ذو شذوذ فلا يعتمد عليه كثيرا»، وهذا يعني بصريح العبارة أن الملك مجنون، وكان غرلاخ محنكا تقيا معلما في فن الكيد، وكان أسن من بسمارك بخمس وعشرين سنة فيعد بسمارك من اكتشافاته، ويعد بسمارك ولدا له بالتبني، وهو ما كاد يبصر أن هذا الولد المتبنى، الذي هو دونه سنا ومنصبا بمراحل، لم يلبث أن فاقه، وفاق الملك ومانتوفل أيضا في حوك الدسائس، ولم يدار بسمارك إنسانا باحتراز كبير مثل مداراته لصديق الملك ذلك ما دام الملك جالسا على العرش، ولكن ولهلم لم يكد يصير وصيا على العرش حتى فترت الصلات بين بسمارك وغرلاخ؛ لأن ولهلم كان لا يطيق غرلاخ.
ولم يكتب بسمارك إلى شخص من الكتب الكثيرة الجديرة بالذكر كالتي كتبها إلى ذلك؛ فهي لا تقدر بثمن لدلالتها على آرائه السياسية كدلالة كتبه إلى زوجه على مشاعره المنزلية، وهي تتلألأ بالأفكار الحية والتهكمات الزاهية، وهي تسطع بعبارات العداء النارية، وبالخطط الماكرة الهادرة
5
التي تهدف إلى بلوغ السلطان، وكان كثير من تلك الكتب يبلغ اثنتي عشرة صفحة مطبوعة، وكانت تقرأ على الملك في الغالب، وكانت لهذا السبب وسيلة نفوذ لبسمارك لدى الملك أبلغ من الكلام ما دامت نتيجة تفكير أستاذ وقلم معلم، وكان بسمارك يخاطب غرلاخ فيها ب «صاحب السعادة وصديقكم الوفي وخادمكم المخلص»، ثم عدل عن ذلك إلى «لي الشرف بأن أكون صديقكم»، ثم عدل عن هذه إلى «صديقكم المخلص». وفي تلك الكتب تعرض الدول كقرى، والأشخاص كأناس ذوي صفات على غرار شكسبير، ويطفح بعض تلك الكتب حبورا، ومن تلك الكتب ما تبصره مملوءا هذرا داعرا
Halaman tidak diketahui