Kebaikan dan Perhubungan
البر والصلة لابن الجوزي
Penyiasat
عادل عبد الموجود، علي معوض
Penerbit
مؤسسة الكتب الثقافية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
أَرْحَمَكَ.
قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: قَدْ قَتَلْتَ أُمَّكَ، رَمَيْتَ بِهَا فِي التَّنُّورِ، فَقَدِ احْتَرَقَتْ، فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ لَمْ أَتَمَالَكْ أَنْ قَلَعْتَ الْبَابَ، وَخَرَجْتُ إِلَى التَّنُّورِ، فَإِذَا هِيَ فِيهِ كَالرَّغِيفِ الْمُحْتَرِقِ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا قَدُومٌ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ، فَقَطَعْتُهَا بِيَدِي الشِّمَالِ، وَنَقَبْتُ تَرْقُوَتِي، فَأَدْخَلْتُ فِيهَا السِّلْسِلَةَ، وَقَيَّدْتُ قَدَمِي بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ، وَكَانَ مِلْكِي ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَتَصَدَّقْتُ بِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَأَعْتَقْتُ سِتًّا وَعِشْرِينَ جَارِيَةً، وَثَلَاثَةَ وَعِشْرِينَ عَبْدًا، وَوَقَفْتُ ضِيَاعِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَصُومُ النَّهَارَ، وَأَقُومُ اللَّيْلَ لَا أُفْطِرُ إِلَّا عَلَى قَبْضَةِ حِمَّصٍ، وَأَحُجُّ الْبَيْتَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيَرَى لِي فِي كُلِّ سَنَةٍ رَجِلٌ عَالِمٌ مِثْلُكَ مِثْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَا، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
قَالَ مَالِكُ: فَنَفَضْتُ يَدِي فِي وَجْهِي، وَقُلْتُ: يَا مَشْئُومُ، كِدْتَ تُحْرِقُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا بِنَارِكَ، وَغِبْتُ عَنْهُ بِحَيْثُ أَسْمَعُ حِسَّهُ، وَلَا أَرَى شَخْصَهُ.
فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَكَاشِفَ الْغَمِّ، مُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّينَ، أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، لَا تَقْطَعْ رَجَائِي، وَلَا تُخَيِّبْ دُعَائِي.
قَالَ مَالِكُ: فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَنَامِي، يَقُولُ: يَا مَالِكُ، لَا تُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَا تُؤَيِّسْهُمْ مِنْ عَفْوِهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ فَاسْتَجَابَ دَعْوَتَهُ، وَأَقَالَهُ عَثْرَتَهُ، اغْدُ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الْأَوَّلِينَ وَالأَخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَنْتَصِرُ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقُرَنَاءِ، وَيَجْمَعُ بَيْنَكَ يَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ وَبَيْنَ أُمِّكَ، فَيَحْكُمُ لَهَا عَلَيْكَ، وَيَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُودُونَكَ بِسَلاسِلَ غِلاظٍ إِلَى النَّارِ، فَإِذَا وَجَدْتَ طَعْمَهَا بِمِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّنْيَا وَلَيَالِيهَا، آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي لَا يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ عَبْدُ مِنْ عَبِيدِي، وَيَقْتُلُ النَّفْسَ الَّتِي حُرِّمَتْ، إِلَّا أَذَقْتُهُ طَعْمَ النَّارِ، وَلَوْ كَانَ خَلِيلِي إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ أُطْرِحُ فِي قَلْبِ أُمِّكَ الرَّحْمَةَ، فَأُلْهِمُهَا أَنْ تَسْتَوْهِبَكَ مِنِّي، فَأَهِبُكَ لَهَا فَتَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِرُؤْيَايَ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ حَيَاتُهُ حَصَاةً طُرِحَتْ فِي طَسْتِ مَاءٍ، فَمَاتَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ "
1 / 115