Benjamin Franklin
بنجامين فرنكلين
Genre-genre
على أننا منذ اليوم سنبذل غاية الوسع في التمييز بين الجلكيين؛ وهم العصافير، وبين البشينيين؛ وهم البلابل فيما يروي العارفون،
7
ولا نلتمس إلا العفو عن خطئنا إذا اتفق في جولة من جولاتنا بين الأعشاش أن نعثر على طائفة من البشينيين لم ينبت لها الريش بعد ولم يسمع لها صوت في الغناء، فلا تميز بينها وبين طائفة الجلكيين.
وخاتمة التهم التي نرمى بها - سيدتنا علية الشأن - أننا نترك دارك عرضة لذلك الجيش من الفيران يغير عليها في أمان، ويقال: إنها تقرض المقادير الجمة من السكر، والحلوى، وتعدو على كتب علمائك وحكمائك وتجترئ حتى على قرض أخفاف وصيفتك القديمة الآنسة لويلييه وهي تلبسها وتمشي فيها.
ويقال في سياق الاتهام: إن العناية الإلهية التي ترعى جميع خلائقها في الحقيقة على السواء لم تخلق القطط إلا لاصطياد الفيران، فإن هي قصرت في هذه المهمة فلا جزاء لها على التقصير في رسالتها الإلهية غير الإغراق.
والحق - يا سيدتنا العلية الشأن - إنه لمن أيسر الأمور أن تنكشف هذه التهمة عن أهواء أعدائنا وأغراضهم الشخصية، فإن السيد كابانيس نزيل قصرك الذي لا يزال على استعداد لاختلاس قالب من السكر كلما سنحت له الفرصة، لذو مصلحة عظيمة في إقناعك بجسامة جشع الفيران كلما قرضت قطعة من السكر، أو شرعت في لحس قدر من المربى قبل أن يصل إليها، غير أنه يفتر عن القسوة - لا عن الغرض فحسب - إذ يقضي علينا بالموت؛ لأننا لا نحول بين تلك الخلائق الصغار التي تغتنم ما تقدر عليه من الفرصة لاستغلال خطة النهب التي يقترفها - على جلالة قدره - كل يوم بغير أسف وبغير ندم، أفي وسعه يا ترى أن يشتط في قسوته وراء هذا الشطط لو أننا نحن كنا مثله ومثل الفيران من آكلات السكر والمربى؟ ألا يظهر من هذا جليا أن النهم وحده هو الذي يوحي إليه بمثل تلك البواعث النفسية المنكرة، وهل تسمحين أنت أن تفسحي لها مكانا في صدرك الحنون؟
أما كتب الأب دي لاروش وزميله العالم الآخر الذي اطلعنا على خطابه في الأكاديمية في صحيفة لففت بها الرقائق التي أنعمت بها علينا من لحم العجل، فأي ضرر يا ترى في إقدام الفيران على قرضها من حين إلى حين؟ وما هي جدوى ذلك الاطلاع الواسع على أولئك العلماء؟ أفما يحق لهم أن يعلموا - وقد عاشوا معك - أنه لا جدوى من كل معرفة؟ إنهم يعلمون أنك طيبة خيرة بغير اطلاع على المقولة في أصول الأخلاق، ويعلمون أنك مليحة الشمائل بغير اطلاع على كتاب مسجلنا التاريخي منكريف الذي سماه صناعة الإرضاء والإعجاب، ويعلمون أنك سعيدة بغير اطلاع على مقولة السعادة التي ألفها التعس موبرتويس
Maupertius . وإنهم لشهود يوميون على مبلغ جهالتهم وهم العلماء بكل تلك المعارف عاجزون عن تحصيل تلك المعرفة التي تعرفينها جيدا، وهي القدرة على الاستغناء عن كل معرفة، إن علمك بالهجاء كعلمنا، وإن خطك يشبه كثيرا أنابيش أيدينا، وإنك تخطئين في هجاء كلمة السعادة، ولكنك تستمتعين بالشيء نفسه، دون أن تعلمي كيف تكتب حروفه، تلك المتعة التي لا يقدرون هم - مع كل ما عندهم من الكتب - أن يستخرجوها من صحائفها. وأنت بعد تفيضين عليهم من عظمة جهالتك ما يحيط بهم ويطويهم بين أكنافها. فليس في مستطاع الفيران كما أثبتنا بالبرهان أن يصيبوهم بضرر بليغ. وأما أخفاف الوصيفة، فإن الفيران لم تكن لتدركها لو لم تكن الوصيفة تمشي كأنها نائمة، والعجب منك - سيدتنا - أن تقضي علينا بالموت لأن وصيفتك تمشي بخطوات حلزون.
وهذه البراهين على قوتها ليست هي عذرنا الوحيد بين يديك من التلف الذي توقعه الفيران بما في دارك . آه أيتها السيدة العلية الشأن، بأي ضمير يجوز اتهامنا في حين نراك أنت تصحبين كلبيك المتعطشين إلى دمائنا، فلا نجترئ على الاقتراب منك لأداء واجب التحية التي تنبغي لسيدتنا؟ كلبان اثنان، يكفي هذا يا سيدتنا وأنت لا يخفى عليك أنهما من نوع تربى على بغضنا ويملؤنا الرعب كلما استمعنا إلى نباحهما على مقربة منا، كيف يجوز لأحد أن يظلمنا بالملام إذا ابتعدنا عن الأماكن التي تقيم فيها حيوانات بهذه الضراوة وهذه الكراهية المطبوعة لنا، وهذه القدرة على إهلاكنا، وهي طليقة لا يكبح لها عنان؟
ولو كان الخطب خطب الكلاب الفرنسية وحدها لأمكن أن تخف وطأتها ويهون الخوف من ضراوتها، ولكنك تدخلين في خدمتك - على خلاف الأوامر من الرقيب العام - كلبا من فصيلة البل دوج تأتين به من البلاد الإنجليزية التي تكرهنا ضعفين؛ لأننا قطط، ولأننا فرنسيات، وحسبنا ما نراه كل يوم من أثر بغضائه في ذنب أخينا المبتور لينوار
Halaman tidak diketahui