Benjamin Franklin
بنجامين فرنكلين
Genre-genre
والذي قرأه على هذا المنوال كثير ليس فيه كتاب واحد من كتب اللغو والفضول، فبلغ السادسة عشرة، ومعلوماته تزيد على معلومات أبناء الثلاثين من طلاب العلم، والمشتغلين بالاطلاع، وفكر في الكتابة على سبيل التجربة، فأحسن اختيار المؤلف الذي يقتدي به، ويوافق منحاه وثابر على الاقتداء به والطموح إلى محاكاته والتفوق عليه إذا تسنى له سبيل التفوق، حتى أخذ منه كل ما في وسع تلميذ أن يستفيده على البعد من أستاذ.
كان اختياره للكاتب أديسون صاحب مجلة السبكتاتور دليلا على ملكة ناقدة مبكرة عرفته بملكات ذهنه ومنهج تفكيره وتعبيره، فليس في الكتاب من تتراءى ملامحه جلية مفصلة في أسلوب فرنكلين مدى حياته كما تتراءى فيه ملامح هذا «الأب» الفكري الذي اختاره لقدوته بين عشرات من الكتاب.
وكان أخوه جيمس في هذه الأثناء قد اشتغل بالطباعة وعهدت إليه صحيفة بوستن جازيت
Boston Gazette
بإصدارها في مطبعته، فأصدر منها في أواخر سنة 1719 أربعين عددا ثم اختلف أصحابها معه، فعهدوا بطبعها وإصدارها إلى مطبعة أخرى ، فخطر له أن يستقل بإصدار صحيفة يملكها ويحررها ويدير عليها أعمال مطبعته التي أوشكت أن تتعطل وتخسر سمعتها وعملاءها أمام المطبعة الأخرى التي تنافسها، فأنشأ صحيفة جواب إنجلترا الجديد
New England Courant
في شهر أغسطس سنة 1721.
وألحق قرنكلين بالعمل في المطبعة متتلمذا على أخيه في صناعة الطباعة وهو في الثانية عشرة، فلما استقل أخوه بإصدار صحيفته لم يكن قد جاوز الخامسة عشرة، ولم يبق في الصناعة عمل لم يجرب يده فيه ولم يتقنه غير الكتابة، فأخذ في معالجة هذه الصناعة على منهجه الذي شرحناه إجمالا في الكلام على طريقته العلمية.
وكان حب الإتقان في هذه الصناعة مطلبا طبيعيا يحسه من أعماق نفسه، فلم يذهب مع الغرور، وتحرى الإتقان من أبوابه الصالحة، وعلم أنه لا يستغني - بعد كل ما قرأه - عن المزيد ثم المزيد من القراءة، فاقتطع من قوته ليشتري الكتب التي لا تستعار، وخيل إليه من بعض مطالعاته أنه آمن بمذهب النباتيين، فاقترح على أخيه أن يعطيه طعاما بغير لحوم، ويضيف ثمنه إلى أجره القليل، فكان يشتري الكتب بثمن الطعام.
وأدركته حصافته التي لا تغيب عنه وهو يطرق أبواب الشهرة الكتابية فأخفى اسمه واتخذ له توقيعا مستعارا باسم سيلنس دوجود
Halaman tidak diketahui