Bina Umma Carabiyya
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Genre-genre
ومنذ الثورة المصرية دخلت الجماعات السياسية الرئيسية السودانية والسلطات المصرية والبريطانية في مساع هدفها تنظيم مباشرة السودان حق تقرير مصيره، واختار أهلوه الاستقلال والنظام الجمهوري البارلماني والانضمام لجامعة الدول العربية.
الأوضاع الراهنة في دول المغرب العربي
قبل أن نتكلم عن هذه الأوضاع كما نراها في دول المغرب متفرقة يحسن أن نقدم لهذا بالإشارة إلى أنه يوجد بين المغرب والمشرق العربيين على ما بينهما من تقارب اختلافات شتى، فمن هذه ما يتعلق بتركب الشعوب المغربية من عناصر قوية الحيوية، وهذه العناصر وإن كان يغلب عليها أحيانا تغليب مصالحها الخاصة، فإنها في نفس الوقت كثيرا ما تحركت تحت تأثير قوى عامة. وقد أدى هذا التركيب الاجتماعي إلى أن الدول التاريخية المغربية كان يغلب عليها الارتباط بجماعات وشعوب أكثر مما يغلب عليها الارتباط بوطن أو بأرض؛ ومن ثم كان اهتمام الدعاة بأن يكتسبوا لدعوتهم عصبية، وبهذه العصبية تبدأ محاولة إقامة ملك أو دولة لنصرة فكرة أو مذهب أو عقيدة.
وعلى هذا فالمغرب كان أرض المراكز المحلية العديدة.
يرجع هذا فيما أرى إلى ما يأتي:
إلى موقع المغرب من دار الإسلام، وإلى موقع المغرب من أوروبا، وإلى طبيعته الجغرافية.
فأما الموقع من دار الإسلام فواضح في أنه فيما عدا فترة الفتح وفيما عدا فترة انتقال بعض القبائل العربية في مصر في أواخر عهد الفاطميين، فإن اتصال المغرب بالمشرق كان اتصالا دينيا وفكريا وحضاريا على يد أفراد أو جماعات، وعلى ذلك فكانت الحركات في التاريخ المغربي تصدر عن خصائص البيئة نفسها؛ وهذه الدولة الفاطمية بعد أن انتقلت إلى مصر ضعف نفوذها في المغرب إلى أن تلاشى، وحينما امتدت السيادة العثمانية إلى المغرب ووقفت عند حدود المغرب الأقصى، نجدها تؤدي إلى إبطال قيام الدول الكبرى المغربية كما كان الحال في الماضي، ولكنها لم تستطع أن تبطل تعدد العصبيات والمراكز المحلية.
أما عن الموقع بالنسبة إلى أوروبا فظاهر أن الكفاح بين المغرب وأوروبا شغل من تاريخ المغرب قدرا لا تألفه في المشرق، فبالإضافة إلى الكفاح التالي للفتح الإسلامي للأندلس وامتداده في الأندلس نفسه وفي حوض البحر المتوسط نجده يمتد بعد القضاء على الحكم الإسلامي في الأندلس إلى زماننا الحاضر، بحيث نجد تقريبا في كل السواحل المغربية على المحيط وعلى البحر وفي كل أزمنة التاريخ ربطا ومرابطين.
وطبيعة البيئة المغربية اقتضت تشتت مراكز الحيوية لا تجمعها.
فإذا أضفت إلى ذلك أن الغزو الأوروبي لم يصدر عن مركز واحد وأنه قصد إلى محاولة احتلال ثغور متفرقة؛ أدركت أن المقاومة أيضا كانت تصدر عن مراكز مغربية متفرقة، وأن هذا المركز قد يكون موطن عصبية قبلية أو زعامة دينية، والأمثلة كثيرة، من أقربها الحرب المجيدة التي شنها الأمير عبد الكريم الخطابي على الإسبانيين والفرنسيين في الريف.
Halaman tidak diketahui