Permulaan Zaman Ptolemaic
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
Genre-genre
إسماعيل مظهر
بداءة عصر البطالمة
بطلميوس الأول «سوطر» وبطلميوس الثاني «فيلادلفوس»
يحرص أعضاء هذا المجمع شديد الحرص على أن يحققوا ببحوثهم الأغراض التي أنشئ لخدمتها، ونشر الثقافة العلمية في اللغة العربية من أغراضه الأساسية، بل إنه الغرض الأسمى الذي يرمي إليه هذا المجمع وجمهرة المثقفين من أبناء هذه البلاد. لهذا قد يتبادر إلى البعض أن إلقاء محاضرة في «بداءة عصر البطالمة» فيه إقصاء للمجمع عن أغراضه الأصيلة، على اعتبار أن مسائل التاريخ ومشكلاته من الأدب لا من العلم. ولعل للذين يذهبون هذا المذهب مبررات كثيرة، غير أن مشاكل التاريخ ومسائله إن كانت إلى الأدب أكثر منها إلى العلم، فإنها تحتاج إلى أسلوب البحث العلمي؛ تحتاج إلى الاستقراء والمقارنة ومناقشة المقدمات واستخلاص النتائج، وبذلك يستولي عليها العلم بسلطانه الواسع. ويمكن بذلك أن نبرر، من طريق اتصال التاريخ بأسلوب البحث العلمي، أن ندخل في أغراض هذا المجمع بحث مشكلات التاريخ والفحص عن مسائله.
ولكن من الواجب أن أشير هنا إلى حقيقة قد تكون مؤلمة بعض الشيء؛ فإننا في التاريخ - بل وفي كل فروع المعرفة التي ندرسها - لا نجد بين أيدينا من المراجع الأصيلة شيئا يستعان به في الدرس والمقارنة والاستقراء. فكل المدونات التاريخية التي يتخذ بحثها أصلا للدرس، لم ينقل منها إلى العربية غير كتاب أو كتابين، يفضل الباحث الرجوع إلى أصولهما الأعجمية، من أن يظل مكبا على فك تلك الألغاز التي يرميه بها أسلوب الجمل العربية فيهما. أضف إلى ذلك أن مكتبة المدونات التاريخية - وبخاصة القديمة منها، وهي مادة التاريخ الأساسية - تعد مجلداتها بالمئات، ومن الواجب نقل هذه المدونات إلى اللغة العربية. والمؤسسة التي ينبغي لها أن تضطلع بهذا العمل الكبير، هي الجامعة المصرية، وكلية الآداب منها خاصة. وإني لأعتقد أنه لا يكون لنا أدب خاص تتجلى فيه مظاهر الفكر المصري الصميم، إلا بعد أن نعنى بنقل الأصول الصحيحة في مختلف فروع المعرفة؛ فإن جهلنا بهذه الأصول قيد يقيد الفكر، ولا ينتعش الفكر إلا في جو الحرية، فلنبدد القيود! هذا إذا أردنا أن نحيي الفكر المصري، ونجعل له طابعا خاصا. •••
في خريف سنة 332ق.م غزا مصر تحت إمرة الإسكندر المقدوني، جيش من المقدونيين والأغارقة، عدته أربعون ألف مقاتل.
ولقد استطاع المصريون، عقيب كل غزو دهمتهم به أمة أجنبية كالهكسوس وغيرهم، أن يستردوا حريتهم المرة بعد المرة، وأن يقيموا على عرش بلادهم أسرا من الفراعنة، تحيي تقاليد الحكم والثقافة واللغة؛ تلك التقاليد التي نشأت وربت في مدى عصور لا تعيها الذكريات. ولكن هذه الغزوة كانت آخر عهد الملوك - الذين تجري في عروقهم الدماء الفرعونية - بالحكم على ضفاف النيل، وإلى آخر الدهور. فمنذ أن وفد الإسكندر إلى مصر، خضعت مصر ألف سنة لحكام هلينيي الحضارة من مقدونيين ورومان. وفي نهايتها اندمجت مصر في الإسلام فبدلت تبديلا، وأصبحت لها لغة أخرى، ونظام اجتماعي لا عهد لها به، ودين جديد، ونبذ الآلهة الذين عبدوا فيها على أنهم آلهتها الخواص الآلاف من السنين نبذا أبديا، ثم دفنوا في ثراها.
وبقي المصريون طوال ثمان وستين ومائتين وألفين من السنين، تتوالى عليهم وعلى بلادهم الأحداث. حتى هيأت لهم الظروف مرة ثانية أن يستردوا حريتهم سنة 1936، وأن يعود الدم المصري الذي جرى من قبل في عروق الفراعنة إلى تقلد زمام الأمر على ضفاف النيل المقدس. وبهذا نضيف إلى سلسلة المجد التي أفرغ أول حلقاتها آباؤنا منذ ستة آلاف سنة أو تزيد، حلقة جديدة، لعلنا لا نخطئ إذا ترقبنا أنها ستكون أمجد الحلقات.
وما أجدرنا ونحن نستقبل عهدا جديدا؛ عهدا من الاستقلال والحرية، ألا ننسى الماضي، وأن نتخذ من أحداثه عبرا، تنير سبيلنا في عالم تتجمع في جوه عواصف القدر، عواصف أشبه بتلك التي أخذت تتجمع في جو الدنيا في أواخر عصر بطلميوس الأول.
في شهر يونيو من سنة 323ق.م حدث بالإسكندر حدث الموت فجاءة بمدينة بابل، بعد أن أسس قيصرية مقدونية أقامها على أملاك القيصرية الفارسية القديمة وزاد عليها. وبعد موته بخمسة أشهر، هبط مصر «بطلميوس بن لاغوس» واليا عليها من قبل ملك مقدونيا الجديد «فيلبس أرغيدايوس».
Halaman tidak diketahui